في اللقاء السنوي للخبراء المستقلين بالأمم المتحدة المنعقد في جنيف من 6 إلى 10 مايو 2019 لمتابعة تنفيذ إعلان وبرنامج ديربان كانت كلمة الافتتاح الرئيسة من إعداد وإلقاء كفاءة وطنية مميزة هو الدكتور سعيد الشواف عضو هيئة حقوق الإنسان في المملكة¡ والخبير المستقل بالأمم المتحدة.
الكلمة كانت بعنوان (التحريض على الكراهية في الخطاب السياسي والأيديولوجي¡ إطار مفاهيمي)
اطلعت على هذه الكلمة¡ وجدتها رائعة في أسلوبها وأفكارها¡ موضوعية بعيدة عن الطرح الانفعالي.
يستهل الدكتور سعيد كلمته بالتأكيد على أن جميع الشعوب والأفراد يشكلون أسرة إنسانية واحدة غنية بالتنوع¡ تجمعهم المساواة في الكرامة والحقوق¡ وأن فكرة التفوق العنصري لما يسمى بالأعراق البشرية المميزة هي فكرة مرفوضة بشدة ويجب اعتبارها خطيرة وخاطئة من الناحية القانونية والأخلاقية ويجب عدم التسامح معها.
إعلان وبرنامج عمل ديربان هو خطة المجتمع الدولي لمكافحة العنصرية¡ وقد اعتمدت العام 2001 بتوافق الآراء في مؤتمر الأمم المتحدة العالمي لمكافحة العنصرية والتمييز وكره الأجانب وغيرها من أشكال التعصب. الآن ونحن في 2019 يرى الدكتور سعيد أن الطريق إلى تحقيق الأهداف النبيلة وكسب المعركة ضد العنصرية أمامه تحديات وعقبات¡ فمازال السلام العالمي والتسامح الإقليمي والوطني والتعايش الاجتماعي وحقوق الإنسان مهددة بتكرار حوادث العنف العنصرية والتمييز العنصري وكره الأجانب وما يتصل بذلك من تعصب في عدة أماكن من العالم يغذيها التصعيد العالمي لخطاب الكراهية في الخطاب السياسي والأيديولوجي وخاصة ضد المهاجرين بسبب اختلافهم في الديانات والثقافات واللغات أو انتمائهم لأقليات عرقية أو قومية حسب ما ورد في كلمة الدكتور سعيد التي تنظر للتنوع الثقافي كرصيد إنساني ضروري لتقدم ورفاهية الدول والمجتمعات¡ والقبول به كحق من حقوق الإنسان.
الكلمة تدعو - كما دعونا في مقال سابق - إلى حظر وتجريم الكراهية كونها تحرض على التمييز العنصري أو العداوة أو العنف.
هذه الأفكار المضمنة في إعلان وبرنامج ديربان لن تكون ذات جدوى من دون التزام الدول الجدي بتنفيذها بداية بنبذ الكراهية في الخطاب السياسي والأيديولوجي¡ وسنّ تشريعات وطنية ودولية شاملة ضد التحريض على التمييز والعداء والعنف وكراهية الأجانب¡ وهي أخلاقيات يرفضها المجتمع الدولي.
يتساءل الدكتور سعيد في نهاية كلمته¡ هل خسر العالم الحرب ضد العنصرية والتمييز العنصري وكره الأجانب¡ ولماذا يستمر خطاب الكراهية¡ وما الذي يجب القيام به بشكل أكبر خارج التدابير والوسائل التقليدية للتعامل مع هذه الآفة¿ هل المشكلة في عدم تنفيذ غالبية الدول لالتزاماتها في موضوع حقوق الإنسان¿
تظل هذه الأسئلة قائمة وتحتاج إلى حوار دولي مستمر يركز على تفعيل التنفيذ وليس على التنظير الذي أشبع بحثاً. ولعل صدور وثيقة مكة التاريخية التي تضمنت أفكاراً عظيمة في هذا المجال واتسمت بالشمولية والوضوح وأقرتها 1200 شخصية إسلامية يمثلون 139 دولة¡ لعلها تأخذ طريقها إلى التعزيز والتفعيل والتنفيذ عبر منظمات الأمم المتحدة المختصة بحقوق الإنسان.




http://www.alriyadh.com/1760792]إضغط هنا لقراءة المزيد...[/url]