"الشك". إنها كلمة ترتبط بنوع من السلبية¡ لأن العقل بطبيعته ينشد اليقين¡ حتى إنه مستعد لتحريف الواقع في سبيل ذلك¡ ولكن الشك أحياناً أفضل من اليقين.
أنت تحتاج الشك إذا ساد بين الناس اليقين الخاطئ¡ فلما كان اليقين أن الوثنية هي الصواب في الأزمان الماضية كان التشكيك في ذلك فضيلة¡ ولو رضي الشخص بواقعه المتشرب باليقين لخسر كما خسرت أمم كاملة آنذاك بسبب هذا¡ ولكن من شكك في ذلك ربح¡ مثل زيد بن عمرو¡ والذي توفي قبل مولد الرسول لكن الله أدخله الجنة كما أتى في الحديث¡ لأنه رفض الشرك الذي انتشر بين قومه.
هذا مثال ديني¡ لكن التشكيك الحميد لا يتوقف على ذلك بل يمتد إلى أشياء أخرى¡ ففي مجال العلم فإن التشكيك في الحقيقة لا يزال يأتي بفتوح علمية¡ فإسحاق نيوتن صنع ثورة في علم الفيزياء وقدس العلماء فكره وعلومه قروناً¡ لكن لو أن أينشتاين أحاط نيوتن بهالة العصمة لما أتى بنظرية النسبية التي خالفت الفيزياء النيوتونية وصنعت ثورة جديدة. الأعجوبة موزارت أذهل العالم بعبقريته الموسيقية منذ طفولته¡ ولكن أتى بيتهوفن فلم يرض أن يكون تبعاً له فصنع بعض أعظم المقطوعات. رائد السيارة هنري فورد سيطر على السوق بسيارة model T التي صنعها في 1908م بأفكار مبدعة شككت في طرق صنع السيارات وأتت بأفكار طازجة¡ لكن المفارقة أنه حتى هو سقط فريسة لليقين غير المحمود¡ فأيقن أن الناس لا يريدون إلا اللون الأسود¡ وله مقولة شهيرة: "للزبون الحق أن نطلي سيارته بأي لون يريد.. طالما كان الأسود". وبعد 20 سنة من ذلك بدأ الناس يتركون فورد حتى كاد يدمر تجارته بأكملها¡ فأتى ابنه إدسل وفتح الباب لألوان أخرى¡ وبدأ الناس يشترون فورد من جديد¡ وسلمت الشركة من كارثة محققة.
لا يحتاج أن تشكك في أي شيء وكل شيء¡ لكن ستأتيك مواقف يجب أن تتأمل فيها وتسأل: هل يقيني في مكانه¿ هل الشك الآن فضيلة¿




http://www.alriyadh.com/1765793]إضغط هنا لقراءة المزيد...[/url]