عندما تتباعد الأزمان وتختفي العادات¡ ويبقى الإنسان هو الإنسان لا نكون عند مفترق الطرق وحسب¡ وإنما نحتار في أمر ذواتنا ونتخيل أننا غارقون في مشكلاتٍ بعيدة كل البعد عن الحلول¡ وقد تكون معقدةº تجعلنا نبحث عن مستشار يكشف لنا هذا الغموض الذي نعيش تحت ظلاله¡ وربما قوقعة أوهمتنا أننا لا شيء يشبه صفاتنا القديمة التي كانت يوماً ما مسيطرة على نفسها ولديها مناعة لمواجهة أخطار الطبيعة.
كان الإنسان منذ قرن من الزمان قادراً على الخلود والتكيف في سلوكه الغذائي والصحي ومستمتعاً بنشاطات عدة ويقضي جل ساعاته بحيوية ونشاط متصل بروح الحياة التي لا تفارقه إلا إذا جاءه وباء خطير يقضي عليه تماماً ويبعده عن الحياة ولذتها.
وكما قلنا ذلك الإنسان ما قبل مئة عام¡ وإنسان هذا العصر يشكو من أمراضٍ كثيرة وخمولٍ ترهق قواه وتعيقه عن الحركة¡ وتُفرغ معظم وقته بلا فائدة لو حتى عاش أكثر من مئة عامº فمعظم وقته ضائع ولا يجد لوقته نشاطاً كي ينجز أعماله الخاصة وربما نجد البعض ضيع وظيفته ولا يجد لنفسه بداً ولا مخرجاً فكل ما يكون هو خارجاً عن سيطرته. بينما ذلك الإنسان نجده لم يعش إلا سنوات معدودة من حياته القصيرة¡ ولكن إنجازاته كأنها سنوات كثيرة¡ والسبب واضح أمام اتساع الزمن واستغلاله برغم تباعد الأمكنة¡ وعدم توفر وسائل سريعة ناهيك عن قلة النشاطات الترفيهية ومشقة التعليم. فإنسان ذلك العصر يحتاج أياماً وشهوراً من أجل معرفة مصطلح من المصطلحات أو شراء كتاب من مسافاتٍ بعيدة.
برغم كل هذه المشقات وقلة أيام الحياة الرسمية نجدهم في تفاعل مع الحياة¡ فحياتهم أطول من حياتنا الفعلية وذاكرتهم أقوى بكثير منا¡ ولديهم سعة تفكير أوسع من خيال العالم. فكُتاب ذلك الزمان أقلامهم تسيل بالحروف والكلمات وبالعبر والأقوال¡ وقل ما شئت من حكاياتٍ وروايات وقصص تساوي آلافاً من الأعوام.
نعم تغير زمننا ومازلنا نحمل صفات الآباء وجينات الأجداد¡ ولا بد من تباعد الأزمان ما بيننا وبينهم كي نتكيف مع الصناعات والمنتجات الغذائية الجديدة¡ كما كان أسلافنا يتمتعون بغذائهم الطبيعي¡ فواجب علينا التكيف والقبول فإن استطعنا تعايشنا على هذا النمط¡ واستعدنا حياتنا الفعلية¡ وهذه البداية وأما الكمال سيكون لأحفادنا فهم أطول عمراً وأكثر وقتاً خصوصاً مع تقدم العلوم وتطور الطب مع وجود أكثر من التطعيمات المضادة لأعتق الجراثيم الخطيرة.
لهذا علينا التكيف من أجل برمجة عقولنا على كل ما هو جديد¡ وإن كل ما في حياتنا النفسية والعضوية التعود والتكيف حتى تتأصل فينا طبائع جديدة¡ وجينات مختلفة قادرة على التحكم من أجل الاستمرار¡ والبقاء بحيوية ونشاط كما كان أسلافنا.




http://www.alriyadh.com/1766964]إضغط هنا لقراءة المزيد...[/url]