تحيط بنا كثير جدًا من حملات التوعية ذات الأهداف المتنوعة والقوالب المختلفة¡ وكثير منها بأفكار مبتكرة ورسائل لافتة¡ لكن أثرها على اعتناق الأفكار وتغيير السلوك المستهدف لا يزال دون المأمول أو لا يكاد يقع! فلماذا يحدث ذلك دومًا¿
السبب ببساطة أنها توعية ينقصها ركنٌ أساس! أمواج متتالية من المعلومات والتدخلات يتلقاها المُستهدف من الوسائل التوعوية الإعلامية وغير الإعلامية¡ لكنه لا يستطيع أن يتفاعل معهاº لأنه يعرف أنه لا يستطيع! حتى مع تعقّد العوامل المؤثرة في إدراك وتفضيلات وسلوك المستهلكº بسبب تصاعد استخدام منصات التواصل الاجتماعي أو مبادى التسويق الاجتماعيº لا تزال مستويات الاستجابة والتغيير متدنية مقارنة بما يبذل ويصرف على تلك البرامج.
المستهلك يشعر ويعرف أنه لا يستطيع أن يغيّر من واقعهº لأنه ببساطة لا يستطيع! فما الفائدة من إدراك الممارسات المثالية¡ أو معرفة العادات الضارة¡ دون توافر خيارات وأنظمة تساعد – أو تجبر - المستهدف على تحسين سلوك واتخاذ قراره¿ مثل التوعية بنمط الحياة الصحي دون اعتماد التشريعات الملائمة¡ وتسهيل توفير الخيارات المناسبة¡ ورفع التكلفة الاقتصادية الخيارات غير الصحية¡ أو التوعية باختيار الإطار المناسب للسيارة دون اعتماد اشتراطات الإطارات المناسبة للطقس المحلي¡ وتوفيرها بشكل مقبول¡ فتضحي تلك الحملات وضجيجها مجرد معلومات تستقبل ثم تخرج بلا أثر ملموس.
التحدي الأكبر لتحويل ما يعيه المستهدف إلى سلوك هو تمكينه من اتخاذ القرار¡ ولتحقق حملات التوعية أهدافها لا بد أن يكون "تمكين المستهلك" موجدًا قبل إطلاق الحملة¡ وهو ما يمكن اختصاره بكونه: "حالة إيجابية من إدراك الحقوق والواجبات¡ عبر تطوير التشريعات وبرامج التوعية¡ وتوفير الخيارات¡ ما يضمن في النهاية القدرة على اتخاذ القرار المناسب".
غير أن "تمكين المستهلك" يحتاج منا أولًا إلى بناء الوعي بأهميته وأثره المحوري لإنجاح برامج رفع الوعي¡ وتحسين السلوك لدى صانع القرار والجهات التنظيمية¡ إضافة إلى العمل على تطوير وصقل قدرات المستهلك الذاتية¡ وبناء قواعده المعرفية لاتخاذ القرار¡ وكذلك التأثير في الاتجاهات المجتمعية لمزيد من التمكين¡ ناهيك عن ضرورة تحديث التشريعات ومشاركة المستهدفين في تقييمها وتطويرها.
ولضمان استمرار التمكين وتحويله إلى ممارسة أساسية لا بد من إطلاق مؤشر وطني لقياس التمكين في مختلف القطاعات¡ كما الحال في عديد من الدول المتقدمة¡ وذلك لقياس: السلوكيات¡ والإلمام بأنظمة حماية المستهلك¡ والمشاركة.
حينما نضع "تمكين المستهلك" على قمة أولويات الجهات التنظيمية وجمعيات حماية المستهلك¡ حينئذ حتمًا سنلمس أثر الحملات التوعوية على أرض الواقعº لأن الواقع أضحى عاملًا أساسيًا لدفع المستهلك نحو تحقيق أهداف الحملة التوعوية.




http://www.alriyadh.com/1771807]إضغط هنا لقراءة المزيد...[/url]