في المباريات التأهيلية لكأس العالم 1969م احتدت المنافسة بين هندوراس والسلفادور¡ دولتان متجاورتان في أميركا الوسطى بينهما مشاحنات قديمة¡ وفي الليلة التي تسبق المباراة عزم مشجعو هندوراس أن يفسدوا نوم الفريق السلفادوري فجعلوا طوال الليل يضربون منبهات السيارات ويشعلون الألعاب النارية عند فندقهم¡ وكما هو متوقع كان لعب الفريق المحروم من النوم سيئاً وانتصرت هندوراس بهدف مقابل لا شيء¡ واستشاط السلفادوريون غيظاً¡ حتى إن فتاة اسمها إميليا انتحرت أسىً وحسرة¡ وظهرت قصتها في الصحف وزاد الألم الشعبي¡ وتقدم جنازتها ضباط من الجيش¡ في إشارة صارخة إلى التخلف الذي عانت منه تلك الدول¡ فالدول المتقدمة لا تضيع مشاعرها الوطنية على تفاهات كهذه بل تحزن إذا تخلفت في مجالات العلم والتنمية¡ وخذ الأميركان مثالاً¡ فلا يكترثون كثيراً إذا رأوا فريقهم يخسر مباريات كأس العالم باستمرار على مدى عقود لكن أصابتهم كآبة وإحباط لما نال الروس قصب السبق في السباق الفضائي عام 1957م بإطلاق القمر الصناعي سبوتنيك¡ حتى قال مؤرخون إن الألم الأميركي الشعبي قارب شعورهم لما قصفهم اليابانيون في بيرل هاربور!
ظلت الأحقاد مستعرة¡ وبعدها بعدة أسابيع ذهب فريق هندوراس إلى السلفادور لمباراة ثانية¡ ووُضِعَت حراسة شديدة حول الملعب¡ حتى الدبابات أحاطت به. انتهت المباراة بهزيمة أخرى للسلفادوريين¡ هذه المرة قوية وذلك ثلاثة أهداف للا شيء¡ فجن جنونهم وانفجر الشغب وقُتِل عدة أشخاص¡ ولم تقتصر الضغائن على الملعب بل امتدت للحدود¡ فقد أشعلت هذه الشحناء خلافاً حدودياً عمره 100 سنة واندلعت معارك بين الجيشين¡ ورغم أن الحرب لم تستمر أكثر من 100 ساعة إلا أن خسائرها البشرية كبيرة: خمسة آلاف قتيل و10 آلاف جريح.
لم تكن هذه الأحداث شهيرة بل مجهولة حول العالم¡ ومن أكبر الأسباب أن العالم كان منتبهاً لحدث هائل: النزول على القمر. نزل نيل أرمسترونغ وباز ألدرين على القمر في يوليو من عام 1969م أمام أعين العالم المنبهرة والتي غفلت عن تلك الحرب الغريبة التي بدأت في الملعب وانتهت في ساحات القتال.




http://www.alriyadh.com/1771813]إضغط هنا لقراءة المزيد...[/url]