لا شك أن وزارة الثقافة ترغب في المحافظة على الأساس الذي قام عليه المهرجان وهو المحافظة على التراث الوطني بكافة أشكاله¡ لكنها أيضاً حريصة على المراجعة¡ وإضافة أفكار ومجالات جديدة إليه ليبقى كما هو معلماً وطنياً تراثياً ليس لسكان المملكة فقط ولكن للزائرين من الدول الأخرى..
وأخيراً وبعد أكثر من ثلاثين عاماً من بداية المهرجان الوطني للتراث والثقافة سينتقل إلى وزارة الثقافة بعد أن كانت تشرف عليه وزارة الحرس الوطني طوال الفترة الماضية.. ماذا يعني هذا الانتقال¿
في البداية لا بد من الاعتراف أن المهرجان الوطني للتراث والثقافة المعروف باسم الجنادرية يعد من أهم المهرجانات التراثية في المنطقة والتي بدأ فكرتها الملك عبدالله بن عبدالعزيز -رحمه الله- حينما كان رئيساً للحرس الوطني¡ واستمرت فعالياته السنوية بتنوعها وخصوصيتها التي تؤكد على أهمية الاهتمام بالتّراث الوطني¡ والعناية به ليكون معلماً وطنياً يوضح مدى غنى تراثنا وثقافتنا الوطنية. ومنذ بدايات المهرجان والمسؤولون عنه يحرصون على تنويع أنشطته لتشمل جميع المجالات التراثية والثقافية والشعبية التي تجتذب إليها جميع فئات المجتمع¡ من سباقات الهجن¡ ومحاورات الشّعراء¡ والمعارض الفنية والتّجارية وغيرها من الأنشطة المختلفة إضافة إلى الأوبريت الغنائي الذي تميز به المهرجان سنوياً.
وكانت بداية انطلاق مهرجان الجنادرية عام 1985م/ 1405 بعرض الحرف اليدوية والأكلات الشّعبية¡ والمنسوجات¡ والأشغال اليدوية وغيرها من أدوات التّراث في أجنحة خاصّة لكل منطقة من مناطق المملكة الثلاث عشرة. وفي السنوات الأخيرة توسعت المشاركات في المهرجان لتشمل المؤسسات الحكومية والشّركات¡ وبعض دول الخليج إضافة إلى استضافة إحدى الدول العربية أو الصديقة.
فما نوعية التغييرات والتطوير الذي من الممكن أن تحدثه وزارة الثقافة على المهرجان بعد أن آلت إليها مسؤولياته¿
هناك الكثير من الأفكار التي يمكن إضافتها إلى المهرجان.. فبالرغم من نجاحاته السابقة في المحافظة على التراث وإعادة إحيائه في مناطق المملكة¡ إلا أن الملاحظ أن معظم زائري المهرجان أصبح يدفعهم لتكرار الزيارة المطاعم الشعبية المنتشرة في أجنحة المهرجان أكثر من غيرها حتى تحول لدى هؤلاء إلى مكان للأكل فقط. وهذا يعود لقلة التجديد في محتويات الأجنحة¡ مما حدا بكثيرين لعدم تكرار الزيارة لهذه الأجنحة مرة أخرى. فمن الملاحظ أن أفضل نشاطات المهرجان المتجددة اختيار دولة كل عام لعرض تراثها الثقافي والشعبي والذي ما زال يحظى بحضور كثيف وتفاعل من قبل الزائرين.
وهنا مع هذه الفترة الانتقالية لا شك أن وزارة الثقافة ترغب في المحافظة على الأساس الذي قام عليه المهرجان وهو المحافظة على التراث الوطني بكافة أشكاله¡ لكنها أيضاً حريصة على المراجعة¡ وإضافة أفكار ومجالات جديدة إليه ليبقى كما هو معلماً وطنياً تراثياً ليس لسكان المملكة فقط ولكن للزائرين من الدول الأخرى.
ولعل من أهم الأفكار التي ربما تبادر إليها وزارة الثقافة هي السعي الجاد لزيادة مساحة قرية الجنادرية لتضمن تعدد المشاركات وتنوعها وتجددها. ويفضل أن يتزامن مع هذه الفكرة إعادة النظر في مواقف السيارات التي تشكل هماً سنوياً للمسؤولين عن تنظيم الدخول للقرية وللزائرين أيضاً¡ وربما تكون البداية بتحديد مواقع بعيدة نوعاً ما عن مقر المهرجان وتوفير الحافلات الترددية لتسهل على الزائرين الوصول إلى موقع المهرجان¡ وترفع من أعدادهم.
ولا ننسى زيادة المجالات التي يمكن إضافتها إلى أنشطة المهرجان لاحقاً¡ مثل تخليد ذكرى رجالات الوطن الذين أسهموا في مسيرة التوحيد وعرض سيرهم¡ والتنويه بمشاركاتهم البطولية لتحقيق هذه الوحدة الفريدة¡ وتخصيص أجنحة للمتاحف الشخصية التي نقرأ عنها الكثير بين وقت وآخر مما يشجع أصحابها على تطويرها والاهتمام بها¡ والتفكير الجاد بتخصيص جناح لإبداعات السعوديين والسعوديات من مفكرين ومخترعين أسهموا في تطوير المجتمع¡ أو برعوا في المجالات العلمية والفكرية سواء كان ذلك داخل المملكة أو خارجها.
وربما أيضاً قيام وزارة الثقافة بتشكيل فريق عمل جديد للموضوعات الثقافية التي سيناقشها المهرجان لإعادة الوهج إلى الندوات الجماهيرية التي كانت تحظى بحضور كثيف في بداية سنوات المهرجان¡ كالموضوعات الخاصة بمستقبل أجيال هذا الوطن وكيف يمكن زيادة إسهامهم في تنميته وتطويره¡ وتنويع مصادر الدخل وعدم الاعتماد على النفط¡ وهي المجالات التي تشكل أساساً مهماً لرؤية المملكة 2030. وموضوعات أخرى مثل معالجة التصحر وندرة المياه¡ والاستفادة من الموارد الطبيعية الأخرى وأهمها الشمس والرمال¡ وتخصيص شخصية كل سنة للحديث عن إنجازاتها الفكرية والعلمية.
وأخيراً سباقات الهجن والتي وإن كانت عنواناً للمهرجان الوطني للتراث والثقافة فيما مضى¡ لكن يفترض أن تنتقل إلى نادي الإبل ومهرجان الملك عبدالعزيز للإبل فهو الجهة المختصة التي تهتم بهذه الأنشطة التراثية حيث تخصص لها جوائز ضخمة مما سيضفي على مهرجان الإبل حضوراً إضافياً ويدعم أنشطته.




http://www.alriyadh.com/1772511]إضغط هنا لقراءة المزيد...[/url]