من مبادئ الحضارة المستديمة المشار إليها من قبل العالم البيئي "ديفيد هولمجرين" في كتابه "الزراعة المعمرة: مبادئ ومسارات تتجاوز الاستدامة" المبدأ الذي يقول: "استخدام الحلول الصغيرة والبطيئة¡ احترم واستفد من التنوع والاختلاف¡ وكن واعياً بأهمية الهامشي. ولا تتردد في الاستفادة من الحواف" وربما يقصد هنا حواف المواقف والمفاهيم أو حواف الوجود حين تبلغ أقصى حدود إمكاناتك واحتمالك.
وعلى بساطة تلك القائمة فبالتأمل فيها نجد أنه وبمواجهة التهديدات الضخمة ليس بالضرورة انتظار الحلول الكبيرة¡ مثلما يحدث بمواجهة الكوارث المناخية المتوقعة للعالم¡ فهناك ليس على الأفراد انتظار الحلول الكبرى من الحكومات¡ وإنما من المهم أن يقدم كل فرد حلوله الصغيرة¡ مثل ترشيد الاستهلاك لموارد الأرض أو ترشيد الطاقة المستهلكة منزلياً أو تصنيف النفايات تمهيداً لتدويرها.. إلخ¡ فهي حلول صغيرة وبطيئة لكنها تصب بالنهاية في النهر الكبير للإجراءات الدولية.
والمهم في قائمة مبادئ الحضارة المستديمة قبول التنوع والاختلاف واحترام الهامشي¡ وهي العقدة الأزلية لمجتمعاتنا البشرية ألا وهي الخوف من الاختلاف ورفضه بل ومحاربته والاستخفاف بالهامشي.
وإن ما يحدث في عالمنا من خوف يتفاقم من موجات الهجرة التي تغذيها الكوارث والحروب في مناطق الهامش¡ هناك تلاعب بمقدرات الهامش كما يحدث من عمليات قرصنة مستترة من قبل الدول القادرةº وذلك للاستئثار بموارد دول الهامش الأقل صموداً من النواحي الاقتصادية والسياسية. ومثال على ذلك الحروب المؤججة لاستغلال الموارد النفطية¡ ومثال آخر الحروب المستترة التي تفتك بدولة كالكونغو ويتستر عليها المسؤولون عن توفير المواد اللازمة لتصنيع الهواتف الذكية. وأمثلة لا تحصى لهذا الاستغلال المجحف للهامش¡ والذي يقود تلك المجتمعات الهامشية للفرار من جحيم الاستنزاف¡ وبالتالي تفاقم موجات الهجرة¡ وبالتالي تفاقم خوف الدول التي تقصدها تلك الموجات من المهاجرين¡ وبالتالي تفاقم خوف القادرين والمميزين من عمليات المزج للأجناس والثقافات¡ حلقة مفرغة من اكتساح للأضعف وارتداد ذلك الأضعف على الأقوى¡ ويظل عالمنا يدور في تلك الحلقة بشاطئيه¡ شاطئ القادرين وشاطئ المعدمين¡ هذا طالما لا يتم احترام الهامش¡ وما لم نتغلب على مشاعرنا الكابوسية تجاه الاختلاف.




http://www.alriyadh.com/1777534]إضغط هنا لقراءة المزيد...[/url]