حين نقف بيومنا الوطني التاسع والثمانين عيدًا وجوديّا بعد غدٍ الإثنين¡ ندرك يقيناً أن كل أيامنا أعياد مع هذا الوطن المعطاء¡ الذي أخذنا من التفرّق إلى الوحدة¡ ومن وعورة الصحراء إلى رفاهية المدن¡ ومن فوضى الأمن إلى الأمن¡ حتى وسط الفوضى التي تعيشها الدول حولنا¡ فالوقوف به في كل عام يتجاوز الفرح لتاريخه¡ والتنمية لحيثياتها¡ وحاضرنا لماضينا¡ ومنجزاتنا لأحلامنا فيها قديمًا.. هو حالة أعمق بكثير من مجرد حالة الاحتفال بها التي نربّي ساعات يومنا عليها كل عام¡ وطالما أننا نتعاطى الكتابة الصادقة في زمن كاذب¡ فبلادنا اليوم تتعرض لحملة إعلامية مسعورة تستمرئ الكذب وتحاول تشويه حتى التاريخ الذي نقف به بعد غدٍ مما يستوجب منا جميعاً مواجهتها والوقوف لها كل بحسب موقعه وفي أي منصة إعلامية أتيحت له¡
ولعل حديث أحدنا عن وجوده على هذه الأرض المباركة كافٍ جداً لأن يقدّم وثيقة على أن بلادنا أرض تشدّ إليها الرحال ويرتادها الباحثون عن أمن أرواحهم وأموالهم ومعيشتهم¡ فتسعة وثمانون عاما كفيلة بأن تقدم لنا ثلاثة أجيال يتوارثون الوجود¡ ولو روى كل حفيد منا اليوم حياة جده وامتداده بها لكفانا قراءة تاريخ بلاد أولها السلام¡ وأوسطها التنمية¡ وآخرها الأحلام التي تتحقق وفق مواعيدها¡ نعم يكفي وطننا في عيده التاسع والثمانين أن نروي حياتنا فيه ومعه لندرك نعمة الله علينا حين خصّنا به وهيّأ لنا من أهلنا قادة يعملون له حين يحملوننا به ويأخذوننا إليه.. كثيرة هي بلادنا حين نستعرض تاريخها عبر هذه العقود التسعة التي تعد قصيرة جدًّا في تاريخ حضارات الدول وتنميتها وتطويرها¡ لا سيما ونحن أمة نعيش قبلها تخلّفا حضاريا ومعرفيا ومعيشيا كبيرا¡ أفضت إلينا به تلك الترهّات العثمانية القمعية التي حرصت على أن تبقينا في تخلفنا عن ركب الحضارة¡ وأبقتنا في عالمنا البدائي القائم على شريعة الغاب¡ قبل أن يمنّ الله علينا بالقائد الموحد المغفور له إن شاء الله الملك عبدالعزيز بن سعود¡ ليأخذنا لنكون ما نحن عليه اليوم¡ مما يعني أن بداياتنا الحضارية لم تكن يومًا إلا وفق تاريخ توحيدنا¡ والمتأمل في مكانتنا اليوم بين دول العالم يوقن تماماً أن وراءها همّة قادتنا وتطلّعهم الدائم لاختصار الزمن¡ لنكون أسرع منه¡ وأقدر على التميز فيه¡ وإذا كان ذلك ما مضى تاريخًا حق لنا الاعتداد به حدّ الاحتفال ببلوغ ذكراه كل عام¡ فإن في غدنا (رؤية) يراها العالم اليوم إحدى أهم مشاريع الحضارة العصرية¡ بدءًا بنيوم التي تتخلق في شمال غرب بلادنا¡ مرورًا بأنسنة مدننا وانتهاءً باستعادة تراثنا الثري والاستثمار فيه.. وهي بلا شك (رؤية) أربكت الحسّاد¡ وعجّلت بكشف أقنعتهم¡ حين رافقها إيقاع سريع من تفعيل القوانين والتشريعات المدنية¡ واستعادة الوسطية الدينية المغيّبة بفعل تيارات سياسية امتطت الدين وأشغلتنا عقودًا بأجنداتها الضالّة..
إذاً هو يومنا في الوطن¡ أو يوم الوطن فينا لا فرق.. فهنيئاً لنا بوطننا وهنيئاً لوطننا بقادته...




http://www.alriyadh.com/1777778]إضغط هنا لقراءة المزيد...[/url]