هناك لحظات ينقلب عليك القلم فيها¡ توجهه لكتابة موضوع¡ فينحو إلى آخر¡ فهل فعل هذا من نفسه¡ أم أن وحي القلب الحزين¡ أسر إليه ألا يخضع¿ ينقلب الموضوع ليتحول إلى آخر¡ لا تستطيع أن تحيد عنه¡ تنساق في أسطره¡ تتواصل مع كلماته¡ لا تعلم كيف بدأته¡ ولا حتى كيف تنهيه.
كيف تستغرب¿!¡ وأنت ما زلت تحت وطأة الخبر الصاعق المدوي الذي يأتيك فجأة ليغير كيانك¡ يقلب حالك¡ يعيد صياغة تفاعلك مع الدنيا¡ يختطف ابتسامتك¡ هو فعل بي هكذا مع إدراكي أن الأرواح بيد الله¡ وعلمي بأن المعني بالخبر الحزين كان يصارع الضعف الذي انتابه فترة من الزمن¡ لكن ما باليد حيلة¡ فالخطب كان قاسيًا¡ أشعرني فجأة بسوداوية قاتمة جعلت القلب خفاقًا يكاد أن يخرج من مكانه¡ تلك اللحظة السوداء الكئيبة أحالتني فجأة إلى قول الشاعر:
«هو الموت ما منه ملاذ ومهرب .. متى حط ذا عن نعشه ذاك يركب» ولأني مؤمن بالحق سرعان ما تمالكت نفسي وتمعنت في معنى كلمات الشاعر التي لم تستثنِ خير البرية محمد صلى الله عليه وسلم.
تلك كانت حالي مع أخي شبيب الشبيب كمرادف لاسم الأسرة الذي يسبق العصيمي وكما يعرفه كثيرون¡ وبعد أن استغفرت ودعوت له بالرحمة وسؤال المولى المغفرة له¡ لم أستطع أن أحيد عن التفكير به¡ حديثه مشيته ضحكته¡ ثم لا ينفك التفكير أن يقفز للشعور بالفقد والاشتياق لتتوالى في الرأس ذكريات العمر الممتد مع ذلك الإنسان المكافح النبيل¡ ذكريات ملتصقة لا تتزحزح أبدًا عن مكانها. مع الرجل البسيط الذي أفنى عمره مخلصًا لدينه ووطنه عبر تبووئه لمراكز قيادية في وزارة الداخلية¡ هو نفسه الوقور المتواضع الذي حضرت إلي أخباره حاملة رحيله عن دنيانا الفانية¡ ولا اعتراض على قدر الله لكنها لوعة الفراق وفقد الشقيق.
عرفته ذا كلمات معبرة قصيرة وحاسمة¡ ويظهر الإنسان الحقيقي داخله حينما لا يستطيع أن يمنع دموعه التي تفضح عواطفه الجياشة وكأنه قد بنى إرثًا من الخلق الحسن والبر وصدق التعامل مع نفسه والآخرين¡ كان بحق نعم الرجل المحب لوطنه الغيور على مجتمعه ودينه¡ جعل من عمله تواصلاً للارتقاء بخدمة الناس¡ لتظل ذكراه مستمرة ليس بين أسرته فقط¡ بل من خلال مجتمعه الكبير الذي عاشه وتفاعل معه¡ حيث كان كالنسيم العليل الذي أسعد من حوله.
سيفتقده كل من عاشره¡ وستذكره أسرته أبًا رؤوفًا حانيًا رحيمًا¡ أسكنه الله فسيح جناته¡ وألهمنا الله - نحن أهله ومحبيه - الصبر والسلوان¡ اختاره الله إلى جواره¡ ولن نجزع لأننا ندرك فعله الصالح ومساره القويم¡ مع تسليمنا بالقـــضاء والقدر¡ ولتنعم بجوار رب رحيم¡ رحمة الله عليك وغفرانه¡ وإنّا لله وإنّا إليه راجعون.




http://www.alriyadh.com/1781541]إضغط هنا لقراءة المزيد...[/url]