«ترجمة الشعر إلى العربية أو غيرها¡ لو ذهبت ببعض خصائصه فهي لا تفقده المعاني والصور والأفكار¡ لكونها باقية في النص الأصلي كما هي في النص المترجم»
(عبدالمعين الملوحي)

اشتهر الشاعر والروائي الداغستاني رسول حمزا توف في العالم العربي عندما صدرت روايته «بلدي» أو «داغستان بلدي» مترجمة من قبل الأديب والمفكر عبدالمعين الملوحي.. وتناولها الكثير من الدارسين والمحللين والعارضين بالدرراسة والتحليل والعرض¡ وتناولها القارئون بإعجاب تأتّى مما أضفته عليها الأقلام التي كتبت عنها بشكل يحمل التقدير¡ وتسابقت دور النشر على طباعتها وتسويقها ضمن معارض الكتاب العربية لما حوته من أفكار وصور معبرة¡ سادتها روح الشاعرية الخلابة الجذابة¡ فمع أنها ترجمت عن لغات غير لغتها الأصلية إلا أنها توافقت مع الأصل كما ذكر حمزا توف نفسه في لقاءات كثيرة عربية - أجنبية¡ وهو يدلي بأحاديثه لمن يسألونه عن حياته الأدبية والاجتماعية¡ ثم ينفذون من خلال الحديث عن الرواية إلى شاعريته وما اشتهر منها عبر العالم¡ وصوره التي لم يكن يحجبها عن شاعريته المليئة بالشفافية الإيحائية عن شخصية تتمدد وتنكمش في مواقف يتوجب عليها أن تكون في حالة تقاطع مع المتغيرات الحياتية التي يفرضها عمر الشخص الزمني بمصاحبة الأحداث المارة والتي تشكلت على كافة الأصعدة خلال تراكم السنوات وما حصل فيها من مكتسبات ثقافية وعملية بالنسبة له.
الشاعر الذي قال:
«النساء الراح الأغاني
لاحقاً كما هو أولاً
منحوني السعادة
والحزن أحيانا»
وهو في ثالوثه فصَّل خريطة درب متخلية كان يسير عليها في تنامي عمره وثقافته¡ وصوّر أنه يعطي المراحل ما تستحقه مما يلائمها ويؤطر صورته كشاعر يهيم في وديانه وليس كل ما يقول يفعله أو فعله¡ فصُور الشاعر تباغته فيصطادها أو بعضها ليشكل منها شرائح يعرضها بلغته للمتلقي الذي يختار ويستاف من مكنوناتها ما يلائم ذوقه وما يرى أنه يعبِّر عن حالات متشابهات مع ما يموج بداخله من عواطف ملونة تتماثل مع ما تلقاه.
الملوحي الذي قدم للمختارات الشعرية التي ترجمها «شاهر نصير» بعنوان «من القصائد الأخيرة» لحمزا توف¡ أشار إلى أن الشاعر «في قصائده الأخيرة نجد نفحة جديدة¡ فالشاعر الذي وهب كثيرا من شعره للمرأة والراح والأغاني يعود في شيخوخته فيصحو صحوة جديدة»¡ وهذه الصحوة يعترف بذنوبه ويطلب العفو من الباري على ما مر به في حياته من شوائب¡ ففي قصيدة يقول:
«أيها العلي شقّ صدري
لقد صدرت مني كلمات..
فلا تؤاخذني عليها
سامحنا على آثامنا يا الله»
وشاعر مثل حمزا توف تطرق إلى موضوعات عديدة ربما أنه قد شط عند الطريق السليم في حالة من حالاته ثم يعود ويسلك المسلك السليم¡ فهذا يمثل الصدق في القول والفن¡ وأشباهه كثير في العالم¡ يتطرق فيه واحدهم إلى حالات ومن ثم يتراجع عنها عندما تتضح الرؤية أمامه بمقتضى التجارب الحياتية.
«متى هذا¿ أوه¡ أجدني مرات عديدة
فكثيراً ما تسنى لي أن أهيم في العالم
ضيفاً غريب اللغة في العالم..
لكن هناك لغة واحدة عظيمة في العالم
-الشِّعْر!-
معه أنت ضيف مبجل»
رحلة الكلمات مع الشاعر / الروائي¡ رسول حمزا توف لا تتوقف لكونها رحلة ممتعة ومثرية في آن واحد ولكن ضيق المكان¡ فعذراً! للتوقف عند تصريح الشاعر:
«شكرا للعصفور الذي كان يدق على النافذة
يخطر ببدء النهار
كان يدق مهموماً إلى حد غير قليل
بالأرق الذي أنهكني».




http://www.alriyadh.com/1782908]إضغط هنا لقراءة المزيد...[/url]