هذه هي المرة الثانية التي يأتي فيها الرئيس الروسي إلى المملكة¡ ففي المرة الأولى العام 2007¡ جاء الرئيس الروسي إلى السعودية بعد أن ألقى خطابه الشهير في مؤتمر ميونخ للأمن¡ وفي ذلك الخطاب أصدر حكمه على النظام العالمي أحادي القطب الذي نشأ بعد انهيار الاتحاد السوفيتي.**
ومنذ العام 2007 وحتى الآن تغيرت أشياء كثيرة وأصبح النظام العالمي متعدد الأقطاب¡ ولكن الخطر الذي يتهدد الأمن والسلم العالميين لم ينخفض جراء ذلك وإنما ازداد¡ والسبب يعود إلى أن النظام العالمي بدء الدخول في مرحلة انتقالية¡ والمرحلة الانتقالية¡ هي مرحلة نادرة تمر على العالم مرة كل مئة عام تقريباً¡ ولذلك فإن النظام العالمي الذي نحن شهود عليه الآن هو أشبه ما يكون بالنظام العالمي الذي كان قائم العام 1914- عندما كانت المملكة المتحدة زعيمة العالم¡ ولكن في بداية القرن العشرين لم تكن قدرات المملكة المتحدة**وجبروتها**كالسابق¡ والسبب يعود إلى أن هناك دولا أخرى قد اكتسبت مقومات القوة وصارت تنازع لندن على الزعامة¡ إذ بالإضافة إلى فرنسا كانت هناك ألمانيا والإمبراطورية الروسية والولايات المتحدة التي تطمح أن تحل محل المملكة المتحدة وتأخذ زعامة العالم منها.
ولكن تغيير هذه الزعامة¡ كما هو معروف¡ تطلب خوض حربين عالميتين¡ حتى تأتى إزاحة المملكة المتحدة وصعود الولايات المتحدة الأميركية والاتحاد السوفيتي بدلاً عنها إلى سدة الزعامة بعد الحرب العالمية الثانية¡ وبعد انهيار الاتحاد السوفيتي أصبحت الولايات المتحدة تتربع على عرش الزعامة العالمية لوحدها¡ وأصبحت واشنطن هي المشرع للقانون الدولي وهي الوصي والشرطي الذي يحميه.
ولكن منذ العام 2008¡ أي بعد الأزمة المالية الاقتصادية العالمية¡ التي كان مركزها أميركا أخذ النظام العالمي يتطور وفقًا لما تحدث عنه بوتين في مؤتمر ميونخ العام 2007¡ وهو في طريقه للمملكة¡ فأصبحت روسيا والصين تنازعان الولايات المتحدة على الزعامة العالمية - الأولى**في مجال العسكري¡ والثانية في المجال الاقتصادي-.
إن زيارة الرئيس الروسي للمملكة تأتي**في وقت تمكنت الصين فيه من التحول إلى أهم شريك تجاري للسعودية¡ فالتبادل التجاري بين المملكة والصين قد تطور¡ بحيث تمكنت هذه الأخيرة من التحول إلى أهم شريك تجاري للمملكة¡ ورغم ذلك¡ فإن واشنطن وليس بكين هي الحليف الاستراتيجي للرياض¡ إذاً فأمام روسيا تحديان كبيران من أجل تطوير علاقتها بالمملكة¡ فهناك الشريك الاستراتيجي التجاري الصيني الذي ليس لدى روسيا الإمكانات للحلول محله على المدى القصير وحتى المتوسط¡ وهناك الحليف الاستراتيجي الأميركي الذي بفضل التنسيق معه تمكنت المملكة أن تصبح زعيمة إقليمية بارزة.




http://www.alriyadh.com/1782981]إضغط هنا لقراءة المزيد...[/url]