الجامعات على مستوى العالم¡ هي منارة فكرية¡ ويمكن أن تكون صحية¡ وأيضًا رياضية مبدعة¡ لكنها بالتأكيد ليست مباني لتخريج الطلاب والطالبات كالمدارس الثانوية...
بعض المكونات التنموية المهمة يستلزم تشييدها تكلفة عالية جدًا¡ وأخرى تشغيلها يتطلب ميزانية كبيرة.. وفي القطاع الصحي يجتمع ارتفاع تكلفة البناء والتجهيزات وكذلك التشغيل نظير الكوادر الطبية والفنية والأدوية وخلافه.
أمام ذلك لم تقدم وزارة الصحة في المملكة أي أفكار استثمارية تتجاوز طلب ميزانية حكومية¡ وبناء منشأة صحية.. هذا الأمر يمكن أن يأخذ سنوات.. حتى برنامج مشروع التأمين لمنتسبي القطاع الحكومي لم ينجح¡ حتى الشراكة مع القطاع الخاص لا أعتقد أن واقع القطاع الصحي الخاص جاهز لذلكº لأنه لا يكاد يفي باحتياجات المؤمن عليهم من المواطنين والمقيمين من منتسبي القطاع الخاص.
في المقابل¡ قطاعات صحية لا تكلف كثيرًا مقارنة بمنشآت "الصحة"¡ بل بعضها يتوفق جودة وأداء¡ تقوم بدور مهم ويمكن في حال التوسع فيها أن تكون بديلًا مميزًا لتلبية الطلب على الخدمات الصحية.. وهي المستشفيات الجامعية¡ التي أراهن عليها كثيرًا¡ لكن - مع الأسف - لم تأخذ حقها من الاهتمامº خذ على سبيل المثال الدور الذي يؤديه مستشفى الملك خالد الجامعي بالرياض لسكان العاصمة والمنطقة الوسطى.. وأيضًا مستشفى الملك فهد الجامعي بالخبر¡ الذي يكاد يفي باحتياجات مدينة الخبر والمنطقة في بعض التخصصات التي يبدع فيها¡ ومثلهما مستشفى الملك عبدالعزيز الجامعي بالرياض¡ والملك عبدالله في جامعة الأميرة نورة.. أربعة مستشفيات كبرى تخدم ملايين المواطنين تتبع ثلاث جامعات.. بجودة عالية¡ وخدمة مجانية¡ وهي في الوقت ذاته تؤدي خدمة جيدة¡ وتعتبر امتدادًا لكل كلية طب ملحقة بها.
لدينا نحو 27 كلية طب ضمن الجامعات الحكومية.. طبعًا ليس جميعها تضم مستشفيات جامعيةº ترى لو أن كل كلية - كما في جامعة الملك سعود¡ وجامعة الإمام عبدالرحمن بن فيصل¡ وجامعة الأميرة نورة¡ ونجران- قد ألحق مستشفى هو في الأساس مكمل لدور الكلية¡ إلا أنه في الوقت ذاته يخدم سكان المدينة أو المنطقة.. هل سنحتاج إلى انتظار مشروعات وزارة الصحة¿
في القطاع الرياضي¡ ترتفع تكلفة التشييد في المنشآت الرياضية¡ إلا أن التشغيل ليس بالتكلفة ذاتها للقطاع الصحيº ويمكن أن تكون ذات عائد مجدٍ إذا تم استغلالها وفق آليات استثمار مبتكرة.. وأفضل مثال استثمار ملعب جامعة الملك سعود مع نادي الهلال.. فالنادي صار لديه ملعب رائع متكامل للعب مبارياته¡ وإقامة الحصص التدريبية.. والجامعة أيضًا مستفيدة في إقامة فعالياتها الرياضية كونها داخل حرم الجامعة¡ وأيضًا حققت دخلاً جيدًا من عملية الاستثمار المبدعة.
والأمر ذاته لو أن في كل جامعة حكومية ملعبًا ضمن حرمها¡ يخدم الطلاب والطالبات¡ ويمكن أن يستثمر مع أحد أندية المدينة.. هل سنحتاج إلى كل هذا الضجيج للمطالبة بمنشآت رياضية لا تستخدم أكثر من 60 يومًا من أصل 360 يومًا في العام الواحد.. ذاك بالتأكيد لا يخدم توجهات الدولة بالخصخصة¡ وتقليص ميزانية القطاعات الحكومية¡ ويوافق رؤية 2030 في كل ذلك.
الجامعات على مستوى العالم¡ هي منارة فكرية¡ ويمكن أن تكون صحية¡ وأيضًا رياضية مبدعة¡ لكنها بالتأكيد ليست مباني لتخريج الطلاب والطالبات كالمدارس الثانويةº متى نعي ذلك¿!




http://www.alriyadh.com/1783070]إضغط هنا لقراءة المزيد...[/url]