مع كل ما تقوم به المؤسسة من تحولات في منهجية العمل وأساليبه¡ فإن خلف هذه التحولات أفرادًا يحركون عجلة التغيير من مواقعهم القيادية أحيانًا وغير القيادية. هؤلاء الأشخاص هم وكلاء التغيير في المؤسسةº حيث لا يرضون بالواقع كما هو¡ ولا يقبلون السكون¡ بل يبحثون عن التقدم والحركة. إذا حظيت مؤسسة بهؤلاء فإنهم طاقة لا بد من استثمارها¡ وإلا أصبحت عبئًا ومصدر إزعاج كبيرًا. يكونون عبئًا على المؤسسةº لأن همتهم عالية¡ حين لا يدركون حقائق المؤسسة من حيث أعمالها الداخلية أو الخارجية¡ وربما لا يدركون الأسلوب الأمثل للتغييرº حيث يصدمون بالمقاومة التي تواجههم¡ مع عدم القدرة على فهم الوقت المناسب للتغيير مع استعجال النتائج¡ فإنهم عادة ينطفئون ويقبلون بالأمور كما هي¡ مسجلين أنفسهم في نادي المحبطين واليائسين.
لا بد لمن يريد أن يسير في طريق التغيير الطويل¡ أن يتسلح بعدد من النصائح. ففي هذا الطريق الموحش¡ على من يريد أن يسخر نفسه لهدف ما أن يبقي الأمل في نفسه حيًا¡ أن يحيا لتحقيق أهدافه دون الانغماس في أجندة الآخرين السياسية أو مناوراتهم الدفاعية. إن البقاء حيًا يعني أن تسبح مع التيار وعكسه في آن واحد¡ فلا هو الذي يجرفك معه إلى مصبه¡ ولا يقضي عليك في مقاومته¡ أن تملك في يدك مفتاح التشغيل¡ فتطفئ نفسك عند الحاجة¡ فلا تكون أداة في يد الآخرين¡ وأن تعيش في عالم الآخرين ولا تذوب فيه¡ وأن تتحرك بحرية بين التناقضات بحثًا عن نافذة للإبداع.
إن من معوقات التغيير أن يكون الداعي إليه مختلفًا¡ كأن لا ينتمي إلى مجموعته¡ فلا يفهم مبادئهم أو مشكلاتهم¡ ولا يدرك رؤيتهم للأمور بعمق. ومع كونه يختلف عنهم لرغبته في التغيير¡ فإن عليه ألا ينجرف بعيدًا فينسى أن التغيير لن يكون إلا بهم¡ ووفق فهمهم للمعطيات¡ لا برغمهم أو بدونهم. سيتطلب ذلك كثيرًا من نكران الذات¡ والعمل تحت مظلة العمل الجماعي دون الوقوف ممسكًا بلافتة التغيير. سيتطلب ذلك طرح أسئلة كثيرة دون الإجابة عنها¡ فلا يجب عليه أن يمارس دور المرشد السياحي لأكثر الأماكن غرابة وغموضًا. ومع قدرته على أن يبقى شفافًا ومتماهيًا مع الآخرين¡ عليه أن يختار التغيير الذي لا يخلق عقبات جديدة. فقد يكسب مجموعة ليخسر أخرى¡ أو يقذف به التغيير إلى منطقة نائية عن نطاق التأثير¡ مهما كانت الأرض خصبة والرياح مواتية¡ ومهما فعل¡ عليه ألا يقف وحيدًا تحت المطر في انتظار قطار التغيير الذي ينوي ركوبه مهما كلف الأمر¡ فهو بحاجة إلى من يحمل معه أعباء الطريق¡ ويحفظ أسماء الأماكن. ومع وجود من يشاطره الرؤية¡ عليه أن يحافظ على مساحة معقولة للانحراف¡ منطقة تسمح بالانعطاف والتعرج¡ حسب جدول زمني مرن¡ دون التنازل عن رسم الاتجاهات العامة المؤدية إلى المحطة الأخيرة.




http://www.alriyadh.com/1783071]إضغط هنا لقراءة المزيد...[/url]