في بدايات ثورة التواصل الاجتماعي كان كثير من المهتمين والخبراء يحاولون تقصي مستقبل الإعلام والتسويق بناء على المعطيات الحديثة¡ لم تكن الصورة واضحة تمامًا¡ ولم يكن الإيقاع السريع للتحول الهائل في قواعد اللعبة الإعلامية والتسويقية قادرًا على منح هؤلاء المحللين قدرة كبيرة على التنبؤ بمستقبل التواصل الرقميº حيث أصبحت منصات التواصل تولد وتنضج وتؤثر بوتيرة أسرع بكثير من سابقاتها¡ فدورة حياة تويتر¡ مثلاً¡ في عشر سنوات¡ تعادل دورة حياة التلفزيون التي امتدت إلى ما يقارب المئة وعشرين سنة.
كان كل ما يستطيع الباحثون تقديمه في مستقبل الاتصال الرقمي هو نصيحة تتمثل في أن على الوسائل التقليدية أن تتماهى وتركب الموجة¡ وإلا فإنها ستواجه الموت المهني¡ والمقصود هنا أن تتقولب تلك الوسائل وتعيد تشكيل عملها حسب الوضع الحديثº لتتمكن من الحفاظ على حصتها من اهتمام المتلقي¡ وقد يكون أكثر القصص شهادة على صحة هذه النظرية هي قصة منصة نت فليكس Netflix وشركة بلاك بوستر Blockbuster¡ فقد كانت الأخيرة تعيش فترتها الذهبية قبل بداية الألفية¡ وتعمل بطريقة تقليدية تتمثل في تأجير وبيع الأفلام عبر نقاط التوزيع¡ لكن لم يكن قادة الشركة قادرين على قراءة أبعاد المستقبل الرقمي وانعكاساته على صناعتهم.
على العكس تمامًا¡ كان ريد كيستينغ أحد مؤسسي نتفليكس يملك رؤية تحليلة أشمل لمستقبل السوق¡ ورأى أن السنوات المقبلة تتطلب تحولاً في تقديم الخدمة بطريقة تتلاءم مع تصرف العملاء¡ فقدم مبدأ البث المباشر بحيث يقوم بعمليات تأجير الأفلام وبثها رقميًا دون الحاجة إلى الطريقة التقليدية التي كانت تتبعها شركة بلوك بوستر¡ وبالتالي حققت الشركة نجاحًا هائلاً قضى على كل الشركات المسنة التي رفضت الشرب من ينبوع الشباب والاستمرار في السوق.
الطريف أنه في عام 2000 قدم رئيس شركة نتفلكس عرضًا لبيعها لشركة بلوك بوستر بمبلغ 50 مليون دولار فقط¡ ورفض جون انتيوكو رئيس الشركة آنذاك العرض¡ دون أن يعلم أن قيمة الشركة ستبلغ عام 2019 ما يقارب 126 مليار دولار.
قصة بلوك بوستر ليست الوحيدة في عالم الخاسرين من التقدير السيئ للمستقبل الرقمي¡ فهنالك آلاف الشركات الناجحة التي أفلستº لأنها لم تقرأ التحول بشكل سليم¡ وفي الحقيقة فإن لهم بعض العذر في ذلك¡ فما حدث ويحدث وسيحدث في هذا العالم الرقمي المجنون يفوق كل التوقعات والتحليلات¡ ونحن بالمناسبة ما زلنا في بداية الرحلة¡ وسيأتي كثير من التغيرات التي لن يتنبأ بها إلا القلة¡ وهم من سيكونون مليارديرات المستقبل.




http://www.alriyadh.com/1787361]إضغط هنا لقراءة المزيد...[/url]