كنت في مقال سابق ذكرت بأنه**بينما انشغلت بعض من دول الجوار بالاستثمار في التعليم العالي باعتباره القاعدة لتأسيس اقتصاد معرفي من خلال الكوادر المؤهلة والمتميزة التي تلبي الحاجة التنموية في تخصصات متعددة وينعكس ثمرة عطائها على نموه واستمرارية تنافسيتهº وانشغلت جامعاتهم بالتخطيط الاستراتيجي لتأسيس بيئة تعليم عالٍ على قدر من المعايير العلمية والعالمية وباستقطاب الجامعات الأجنبية ذات المصداقية العالية والسمعة المعتبرة والخبرات**المتميزة**للحصول على المخرجات الموثوقة في**التخصصات المرموقة. انشغل**تعليمنا العالي**بالمحافظة على المسار التقليدي**في تعليمه**ونمطية أسلوب إدارته مع ما يعيشه العالم من ثورة تكنولوجية وتحولات اقتصادية وصناعية أساسها المعرفة وتنمية التفكير والابتكار والبحث العلميº وانشغلت جامعاتنا لتكون مكاناً خصباً للقاءات الوجاهية عوضاً عن العلمية¡ ومسرحاً لتسلق المتملقين بدل المستحقين¡ وبيئة لتنفير الكفاءات بدل استقطابهم¡ وسمحنا لجامعاتنا بالجري خلف التصنيفات والتقييمات¡ واللهث خلف توقيع المذكرات وبيع الاستشارات وإضاءات الفلاشات¡ وصارت "مصانع" للكراسي والسيارات بدل العقول¡ واقتحمنا التعليم عن بعد وتناسينا ما يعانيه تعليمنا عن قرب¡ وفتحنا الأبواب (لدكاكين) الشهادات المحلية ولكن أوصدناها أمام منابر العلم والعلوم العالمية¡ وتوسعنا في التعليم الموازي ونسينا موازنة مخرجاته باحتياجات**سوق**العمل!**
اليوم وبعد صدور "نظام الجامعات" الجديد**تكون**قد**لاحت**في الأفق**بارقة آمل**لتنظيم التعليم العالي وشؤونه وإعادة رسم وصياغة سياساته وتعديل مساراتها لنقل العملية التعليمية بمكوناتها إلى مرحلة فعالة ومصدر حقيقي لتزويد أجيال المستقبل بالمعارف والمهارات المطلوبة¡ وحوكمة أدواتها كي تكون قادرة على تحقيق التطلعات وتعزيز مكانته العلمية ومساهمته البحثية ودوره المجتمعي لمسايرة ما يعيشه الوطن من مراحل تحول**على كافة الصعد. نحن اليوم أمام مرحلة تاريخية وهو ما يؤكد اهتمام القيادة بمنظومة التعليم العالي على وجه الخصوص عندما منحت الجامعات الاستقلالية المالية والإدارية وفي نفس الوقت لم تتخلَ عن دعمها كي لا تنصرف إلى الجري وراء تحقيق الأرباح المالية على حساب كفاءة المخرجات¡ وهذا بالتالي يعطي المرونة للجامعات في رسم استراتيجياتها ولكن وفق حوكمتها بما يتوافق مع احتياجات البيئة الحاضنة لها. اليوم الجامعات تحتاج إلى إعادة ترتيب تمركزها إدارياً وعلمياً ومجتمعياً¡ بالعمل وفق ما أطره النظام من أجهزة للحوكمة بنزاهة وتعزيز مبدأ تكافؤ الفرص والتدوير والوظيفي¡ واستشراف ما يحمله المستقل من ثورات صناعية علمياً وبحثياً¡ والمحافظة على الخبرات التعليمية التراكمية ودعم الحضور العلمي الحقيقي والمقنع والمشرف على كافة المنصات¡ والانفتاح على الثقافات والجامعات العالمية الأخرى عبر بوابة البرامج والشراكات الاستراتيجيةº وقبل ذلك كله أن تكون الجامعات منارة وطنية مجتمعية حاضنة لنقاش ومبادرة لعلاج ما يعتري المجتمع من ظواهر ومشكلات اجتماعية.




http://www.alriyadh.com/1787401]إضغط هنا لقراءة المزيد...[/url]