نعيش في عصرٍ غريب¡ فقد انتشرت العزلة بسبب التقنية¡ فالجوال والإنترنت والألعاب شجعت على الوحدة حتى لو كان المرء قرب غيره¡ وكم ترى في الجلسات الأسرية والمقاهي أناسًا يجلسون معًا ثم يلهون بتلك الأجهزة¡ وقد أتى هذا بأضرار بالغة¡ ليس فقط في زيادة المشكلات النفسية كالاكتئاب والقلق بل حتى الجسد يتضرر من العزلة وهجر المناسبات الاجتماعية والمكوث في المنزل¡ فقد وجدت الدراسات أن من ينجو من النوبة القلبية تزيد احتمالات وفاته ثلاث مرات إذا انعزل بعد نوبته¡ ودراسة أخرى وجدت أن مرضى سرطان الدم (لوكيميا) أطول عمرًا إذا كان لديهم علاقات اجتماعية قوية¡ ويُظهر العلم أن دراسة وراء دراسة تؤكد هذه الحقائق¡ ومن العلماء الذين درسوا هذا الموضوع دين أورنيش الذي ركز على الحث في العلاقة بين الانعزال والوفاة في كتابه "الحب والنجاة"¡ ووجد بعد تحليل عشرات البحوث¡ أن المنعزلين أكثر عرضة للموت المبكر¡ وذلك بدرجة عالية جدًا تبلغ خمس إلى سبع مرات أكثر من الذين لديهم علاقات قوية مع أزواج أو أسر أو مجتمع. ارتفاع ضغط الدم¡ اضطرابات النوم¡ ضغوط جهاز المناعة¡ التدهور العقلي لدى كبار السن¡ كل هذه أشياء مرتبطة بالانعزال والوحدة.
الغريب أنه رغم هذا ما زال الطب الغربي رغم تقدمه يتردد عن حث مرضى الجسد على زيادة اختلاطهم بالناس وتقوية أواصرهم الاجتماعية¡ فيفصلون بين مشكلات الجسد ومشكلات النفس¡ بينما الحقيقة العلمية المجربة والمثبتة هي أن الاجتماعية دواء لا يقل تأثيره عن الحبوب والعمليات الجراحية. هل لهذا علاقة بنزعة الغرب للانفرادية والتخلص من سطوة المجتمع والأعراف¿ العلماء جزء من المجتمع¡ وكباقي البشر لا يحبون مخالفة البقية في أمور جوهرية¡ ولعل هذا سبب أخذ البعض على عاتقهم تغيير ذلك¡ فظهرت حركات شعبية في الغرب تنادي بإنهاء العزلة وتحث على الاجتماعية¡ منها حركة اسمها حملة إنهاء الوحدة¡ التي تسرد أضرار العزلة¡ وتشجع على اجتماع الناس معًا باستمرار تفاديًا لتلك الأضرار.
في النهاية¡ لا بد من مبادرتك وتحملك للمشقة الاجتماعية في البداية إذا كنتَ تعودتَ على الانعزال¡ وبعدها تسهل عليك مثل أي شيء آخر.




http://www.alriyadh.com/1787405]إضغط هنا لقراءة المزيد...[/url]