المزمار¡ هذه اللعبة أو الرقصة أو وسيلة فض المشكلات أو سمها ما شئت¡ ظلت في مخيلتي شيئاً غامضاً أود لو أعرف المزيد عنه¡ أو أن أقترب من هذا العالم السري الذي ظل ممنوعاً لبعض الوقت ثم تم الاعتراف بجانب الفن فيه¡ وأعيدت له كرامته وتم إدراجه ضمن قائمة التراث الثقافي في اليونسكو.
أزال الكثير من الغموض الفيلم الرائع الذي صنعه المخرج السعودي وائل أبو منصور¡ الذي قدم لي ما وددت دائماً أن أعرفه عن المزمار. قدمه بطريقة جميلة¡ ثقافية فنية راقية.
ترى في الفيلم مجموعة من اللقاءات مع بعض المهتمين والممارسين لهذا الفن¡ شباباً وشياباً¡ يشرحون لك عوالمه وخفاياه بطريقة ساحرة¡ بعضهم يشرح لك الفلسفة التي يقوم عليها المزمار بطريقة مثقفة ولغة عارفة يدلك بها على مواطن الجمال في رقصة المزمار¡ وبعضهم بلغة بسيطة ولهجة بديعة يشرح في كلمتين بعض معاني المزمار¡ وهناك الغارق في عاميته المحببة يضيف بعض العبارات التي تستنتج منها كيف كان المزمار ولماذا.
مع كل الوجوه المختلفة التي قام عليها فيلم مزمرجي¡ كان وائل أبو منصور يؤكد على حجازية هذا الفن¡ وفي مدونته عن الفيلم وقصته يذكر تغريدات د. سعد البازعي حول الاختلاف - الذي لا يزال للعجب محتدماً حتى بعد قرار اليونسكو - حول هذه المسألة حيث يقول د. البازعي: «لو عزلنا ما هو دخيل مما هو غير دخيل على أي ثقافة لما بقي فيها شيء يذكر. معظم الثقافات تحمل مكونات قادمة من غيرها باستثناء الثقافات البدائية».
لو شاهدت فيلم أبو منصور ستتبخر لديك أي تساؤلات تجعلك تشك في حجازية اللعبة أو الرقصة. بل أكثر من ذلك¡ هو يأخذ بيدك لتعيش سحر اللعبة¡ ويعرفك على مفرداتها¡ ويصور لك بعض حركاتها¡ لتخرج من الفيلم وأنت مملوء بالدهشة والإعجاب. ويكتمل الإعجاب حين تقرأ كلماته وتدرك أنك أمام مخرج مثقف¡ الكلمة لديه بذات قيمة الصورة والخطوة الأولى لصناعة فيلم متكامل¡ الصورة الجميلة المعتمدة على السيناريو المكتوب بحرفية عالية. مشاركة فراس عطية أضافت الزخم والألق لهذا العمل بالتأكيد. الاستماع إليه وهو يتحدث بمعرفة وحب وتأصيل لهذه الرقصة العجيبة يجعل أي إنسان لديه شغف بالفن يعترف أن المزمار فن جميل ومعقد.
يقول أبو منصور في بداية الفيلم: إنه ليس تأريخاً للعبة المزمار بل محاولة لاستراق الدهشة وإحياء أسطورة..
وأنا أؤكد أنه نجح في ذلك معي¡ سرق دهشتي وأحيا في داخلي أسطورة ظللت أسمع عنها¡ وتمكنت أخيراً من خلال فيلمه فهم لو بعضاً من خفاياها.




http://www.alriyadh.com/1787958]إضغط هنا لقراءة المزيد...[/url]