لفت انتباهي مؤخراً هاشتاق "ماذا يعني لك الماضي" والذي تصدر مؤخراً على موقع تويتر. فبصفتي مؤرخاً يمثل الماضي النطاق الذي يعمل من خلاله¡ كنت أتمنى التعرف على رأي المغردين حول الماضي والتاريخ. وعلى الرغم من عدم حصولي على ضالتي إلا أن بعض التغريدات التي طرحت في هذا الهاشتاق قد ألمحت إلى فهم أصحابها لطبيعة الماضي¡ وطبيعة علاقاتهم معه.
فهناك من يدرك أن الماضي قد ذهب ولا يمكن عودته¡ ولكنه لا يزال يؤثر فينا من خلال العديد من الذكريات التي لا يمكن نسيانها. تقول توفانا: "الماضي صفحات تطوى ولكن لا تنسى..". ويشاطرها الرأي مغرد آخر قال: "أحنُّ لِأشياء أعلم يقيناً أنّ حنيني لها لن يُعيدهـا". كما نظر بعض المغردين إلى الماضي بصفته النطاق الذي تشكلنا فيه لنصبح على ما نحن عليه اليوم. حيث تقول من رمزت لاسمها بمسمى أغنية: "الماضي الشيء الذي تعلمنا منه الجميل والسيئ والذي جعلنا على ما نحن عليه الآن".
وهنا إدراك لدور الماضي في تشكيل الحاضر¡ وهو من الأدوار التي يشدد عليها بعض المؤرخين. وإذا كان هناك من أدرك هذا الدور الماضي¡ فإن هناك من نادى بالقطيعة معه نظراً لأن الانشغال به سيكون مضيعة للوقت. تقول جمانة: "حاجة انتهت أتمنى ألا تعود". وتقول أفنان التميمي: "شيئان يدمران الإنسان: الانشغال بالماضي والانشغال بالآخرين". وتواصل أفنان: " فمن طرق باب الماضي أضاع المستقبل¡ ومن راقب الآخرين أضاع نصف راحته". حيث ترى أفنان أن الماضي نقيض المستقبل¡ وأن الانشغال بالأول سيضيع الثاني. وتؤيدها في ذلك حنين التي تقول: "ولا أطالع له عيني دايم على المستقبل".
وتجدر الإشارة إلى أن هناك من المفكرين من يرى أن أهم شروط النهضة والمستقبل القطيعة مع الماضي. وإن كان من رمز لنفسه بمسمى رجل في زمن امرأة يخمل نفس التصور عن الماضي¡ إلا أنه يرى ضرورة الاستفادة من أخطاء الماضي فهي في نظرتهم فائدته الوحيدة. حيث يقول: "دع الماضي يمضي. وأحاديث الناس عنك تمضي. فهل سمعت بشخص ربح سباقاً وهو ينظر للماضي¿ فلا تعش الماضي ولكن تعلم منه دائماً". وهو يشابه في رأيه من يرى فائدة دراسة التاريخ في تجنب أخطاء الماضي. وأخيراً¡ هناك من نظر للماضي كالعالم المختلف والملاذ النفسي الآمن الذي كان كل شيء فيه يتم بطريقة أجمل وأنقى من الحاضر. تقول غادة: "هو مصدر ابتسامتي الصادقة. أحببتُ فيه بساطة اللحظة وصفاء النفوس وهدوء المواقف وأصالة القيم. كان الجار من أهل الدار وتتزين الأيام بصلة الأرحام والضيافة لا توثق بالسناب. كانت حياة تفاصيلها لا تُحكى ولا تُروى ولكنها خالدة في ذاكرة لا تُمحى".




http://www.alriyadh.com/1788365]إضغط هنا لقراءة المزيد...[/url]