وقفت الأمة الأميركية بفرحة صباح يوم 28 يناير 1986م تراقب انطلاق مكوك تشالنجر الفضائي¡ ومن أسباب التغطية الإعلامية الواسعة والاهتمام الشعبي أن كريستا مكوليف كانت من السبعة رواد¡ وهي مُدرسة¡ وكانت ستكون أول معلمة تذهب للفضاء (لاحظ الاهتمام بالتعليم وتقدير المدرسين)¡ وبعد دقيقة من إطلاقه انفجر المكوك بسبب عيوب تصنيعية في بعض أجزائه وقُتِل الطاقم كله.
في الصباح التالي طلب العالم أولرك نايسر من طلابه أن يرووا كيف تلقوا الأخبار¡ وكلهم كتب تقريراً بهذا بكل تفصيل. بعدها بثلاث سنين طلب منهم أن يتذكروا التجربة¡ وكانت النتيجة أنه لا أحد منهم إطلاقاً أصاب¡ بل إن ربعهم أخطأ تماماً¡ ومن الأمثلة أن أحدهم سمع الخبر لما كان يحادث صديقه في مقصف الجامعة¡ لكنه لما حاول الاستذكار بعد تلك السنين الثلاث قال: كنا في ممرات الجامعة وأتت فتاة تركض وتصرخ أن المكوك انفجر. فتاة سمعت الخبر من عدة زملاء في حصة دينية¡ ولما حاولت استذكار الحادثة قالت: "كنت في غرفتي الجامعية مع رفيقتي في السكن وكنا نشاهد التلفاز فأتى خبر عاجل أن المكوك انفجر وكلانا صُدِم بهذا".
هذه من الحقائق الغريبة عن العقل البشري¡ فاستذكارك للحقائق قائم على أسس هشة أضعف مما تتوقع. يقول العالم لينرد ملادينايو: إن الذي يفاجئ أكثر من تغييرات الذاكرة هي ردات فعل الناس إذا عرفوا أن ذاكرتهم أخطأت¡ فهم يصرون على أن الذكرى الجديدة (الخاطئة) هي الصحيحة! في تلك التجربة فإن الناس ترددوا في تصديق القصة الأولى رغم أنها مكتوبة بخط أيديهم. أحدهم قال: "نعم¡ هذا خطي¡ لكني أتذكرها بشكلٍ آخر!".
السبب هو طريقة التذكر الطبيعية. عملية التذكر تشبه تخزين الحاسب للصور¡ فالصورة تُضغط¡ أي أنه يحتفظ منها فقط بأجزاء أساسية¡ مما يقلل حجم الملف. عندما تشاهد الصورة يتنبأ الحاسب من المعلومات التي لديه عما ستكون بقية ملامح الصورة. إذا شاهدت صورة صغيرة جداً مصنوعة من صورة مضغوطة بقوة فهي تشبه الأصلية¡ لكن إذا أخذت صورة صغيرة وكبّرتها كثيراً سترى أخطاء وتشويشات مثل أجزاء كبيرة من نفس اللون يطغى على جانب من الصورة¡ حيث أخطأ الحاسب في التنبؤ.
لا تجعل كل ثقتك في ذاكرتك¡ ستخذلك!




http://www.alriyadh.com/1788403]إضغط هنا لقراءة المزيد...[/url]