حين نستعيد مقولة وزير الخارجية الصومالي عن الحكومات الجيدة¡ وننظر إلى العالم العربي وخارجه¡ نجد الأمن والاستقرار والرخاء الاقتصادي مرهونًا بوجود الحكومات التي يتمتع شعبها بالحرية والعدالة ومكافحة الفساد..
تحدث وزير خارجية الصومال في حوار المنامة المقام في مملكة البحرين قبل أيام عن الصومال وأوضاعها الداخلية¡ وللمرة الأولى أسمع من مسؤول رفيع في هذا البلد هذه اللغة من التفاؤل والأمل في تحقيق تقدم وإحراز نجاح واستقرار¡ ومن أجمل ما قال في حديثه عبارة كررها أكثر من مرة وهي أن: "الحكومات الجيدة هي الحل لجميع تحديات العالم"¡ وهو ما تحقق للصومال بعد نحو ثلاثين عامًا من الحرب الأهلية المدمرة¡ وأضاف الوزير أن الإرهاب وفلول داعش قد أصبحوا ضعفاء في الصومال وفي موقف المدافع¡ بعد أن تبنت الحكومة سياسة مكافحة الإرهاب بالقضاء على مسبباته من فساد وفقر وأمية¡ واليوم تستقبل الصومال المساعدات من الجميع دون تفرقة¡ فالمهم لدينا هو الصومال وبناء قدراته. كما حذر وزير خارجية الصومال في كلمته للمؤتمر مما قد تؤول إليه الأوضاع في اليمن¡ وحث اليمنيين على ضرورة الإسراع في إيجاد حل سياسي مناسب قبل أن يصبح صومالًا أخرى¡ يتحول فيه الصراع إلى حرب أهلية تستمر سنوات طويلة¡ وأضاف أنه على اليمنيين أن يأخذوا العبرة من الصومال¡ فلا حل لليمن سوى إيجاد حكومة وطنية جيدة¡ وأشاد بالاتفاق الأخير بين اليمنيين في الرياض¡ وعدّه بداية جيدة وحوارًا مثمرًا يجب أن يتبعه اتفاق شامل يحفظ لليمن وحدته ويبعده عن التشتت والتفكك.
وفي حوار المنامة¡ تحدثت وزيرة الدفاع الفرنسية عن سياسة فرنسا¡ وقالت إن مواقف فرنسا كالعادة لا تتفق دائمًا مع سياسة الولايات المتحدة الأميركية¡ خاصة في علاقتها مع إيران وتخليها عن الاتفاق النووي من جانب واحد¡ كما لا نتفق مع إيران وتدخلها في سياسة الدول المجاورة¡ لكننا نبني سياستنا على مصالح فرنسا أولًا¡ ولن نتخلى عن أصدقائنا في المنطقة.
وحين فُتح باب النقاش طرح الحاضرون كثيرًا من الأسئلة والمداخلات¡ وفي مداخلتي ذكّرت وزيرة الدفاع الفرنسية بما كانت عليه أوروبا في القرن السابع عشر وما بعده من حروب دينية بين الكاثوليك والبروتستانت¡ وأن هذا هو ما تسعى إليه إيران حين تعتمد في ترسيخ نفوذها على المذهبية لزعزعة الأمن والسيطرة على مقدرات البلد¡ بدل التركيز على التعاون الاقتصادي¡ وحسن الجوار¡ والعلاقات الجيدة التي تبنى على الربح لجميع الأطراف.
وقد أثنى المتحدثون على موقف المملكة المتزن والمتأني أمام الهجمات التي تعرضت لها منشآت المملكة في كل من بقيق وخريص¡ وأضاف الوزير عادل الجبير أنه يوجد فرق كبير بين من يبني ويعزز اقتصاده ويخطط للمستقبل ويمكن المرأة¡ وبين من يعيش في الظلام¡ ويصرف جل مقدراته في التدخل في شؤون الغير¡ وعن الهجوم على منشآت النفط ذكر الجبير أنه معلوم من يقف خلف الهجوم¡ والمملكة أشركت الأمم المتحدة ودولًا أخرى في التحقيق لإيضاح الحقائق أمام العالم ولتتخذ بعد ذلك الإجراءات المناسبة.
وحين نستعيد مقولة وزير الخارجية الصومالي عن الحكومات الجيدة¡ وننظر إلى العالم العربي وخارجه¡ نجد الأمن والاستقرار والرخاء الاقتصادي مرهونًا بوجود الحكومات التي يتمتع شعبها بالحرية والعدالة ومكافحة الفساد وتمكين أفضل الكفاءات في المراكز القيادية لمرافق الدولة¡ أما الدول التي تعاني الاضطرابات الداخلية والاحتجاجات¡ فهي غارقة في الفساد الإداري والمالي¡ ولم يشفع لها ما تمارسه من قبضة حديدية وشدة تصل إلى حد قتل المتظاهرين كما هو في العراق وإيران¡ وقبل ذلك في سورية التي استخدم نظامها جميع وسائل القمع للسيطرة على الداخل لكن دون جدوى¡ وقد قيل إنه إذا كان سلاحك الوحيد مطرقة¡ فكل ما تراه أمامك مسامير¡ وقد ثبت أن الفساد يزداد مع غياب الحرية والنقد البناء¡ وهو ما أدى إلى سقوط الاتحاد السوفييتي وتفككه رغم القبضة الحديدية في الداخل¡ ولم تشفع له قوته العسكرية الهائلة التي تعادل في العدد والعتاد ضعف ما لدى دول حلف شمال الأطلسي.
حوار المنامة مؤتمر سنوي يقيمه معهد الدراسات الاستراتيجية البريطاني (IISS) وترعاه الحكومة البحرينية لمناقشة التحديات العسكرية والسياسية التي تعيشها المنطقة¡ كما يحاول أن يستشرف ما ستكون عليه المنطقة والعالم في ظل الأوضاع الراهنة وأفضل الطرق للتعامل معها.
والغرب عمومًا يعتمد كثيرًا على مثل هذه المراكز وبيوت الخبرة لمعرفة الحاضر واستشراف المستقبل¡ ويعد هذا المؤتمر فرصة لجمع أكبر قدر من المعلومات والتوجهات عن هذه المنطقة الحيوية.




http://www.alriyadh.com/1790522]إضغط هنا لقراءة المزيد...[/url]