إذا خلا المنصب من المسؤولية أصبح منصباً شرفياً بعيداً عن مفهوم التكليف¡ وبالتالي فإن ما يميز أي شخص في أي مجتمع عن بقية الناس هو حجم المسؤولية التي قبل أن يتحملها¡ وما دام أي واحد منا قد قبل بتحمل المسؤولية فمن واجبنا تجاهه أن يحسن استغلال هذه المسؤولية لصالح البقية¡ لأنه يملك القرار الذي لا تملكه المجموعة¡ ويملك أيضاً ثقة الناس¡ وعلى ضوء ذلك فإن موضوع علاقته بالناس هو محور أساسي من محاور المسؤولية¡ وعندما ينغمس المسؤول بين الأوراق وكثرة التواقيع وكل صغيرة وكبيرة لا بد أن تمر عليه ويعيش حياة من التمركز حول الكرسي والمكتب¡ فيضيع وقته في أمور يمكن لغيره من المساعدين والنواب والمديرين ورؤساء الأقسام أن يقوموا بها¡ لكي يعطي وقتاً أكبر للنزول للناس ومعرفة أحوالهم ويقف على أرض الواقع لملامسة كثير من الأمور والقضايا والتفاعلات وأسباب تعثر المشروعات وجودتها¡ فالسماع ليس كالمشاهدة¡ وكما يبدو هناك علاقة طردية بين المسؤولية والتمركز حول المكتب والأوراق¡ فكلما تمركز المسؤول حول الأوراق وتسمر خلف المكتب أصبح متمركزاً حول ذاته وضعفت مسؤوليته وفقد علاقته بالناس وقل احترام الناس له وأصبحت هناك فجوة بينهم وبينه¡ لأنه لا يسمع منهم ولا يلتقي بهم على أرض الواقع ولا يرد عليهم إلى درجة «التطنيش» والاستهتار بمطالبهم¡ وفي هذه الحالة تبدأ المسؤولية لديه بالتدهور ويصبح مع الوقت مسؤولاً ورقياً يقف على منصب شرفي ويدير مؤسسة تتجه إلى مزيد من الفساد واللامسؤولية¡ لأن المسؤولية بمفهومها الشامل إما أن تكون عدوى إيجابية أو عدوى سلبية تبدأ من رأس الهرم لأي مؤسسة لتصل إلى أصغر درجة وظيفية. المسؤول المكتبي تصيبه مع الوقت عدوى من نوع آخر¡ فبعد عدوى التمركز حول المكتب الذي ورثه عن أقرانه السابقين¡ يصبح مصاباً بزيادة المناعة من قبول أي رأي أو مشورة أو تطوع بالرأي¡ وفي هذه الحالة فإنه يحيط المؤسسة القائم عليها بسياج مكهرب يكهرب من يحاول أن يجتازه¡ وتنتقل تلك المؤسسة إلى حالة متقدمة من العزلة والفجوة بينها وبين المجتمع¡ وأخيراً نقول: عليها السلام.




http://www.alriyadh.com/1792037]إضغط هنا لقراءة المزيد...[/url]