إن أفضل تفسير للتستر هو الفرصة المتاحة¡ بسبب ضعف احتمالات اكتشافه والعقوبة المتوقعة¡ والمعايير التي تتبعها الجهات الرسمية¡ حيث يعتمد أصحاب الأعمال النقدية على اقتصادات النقدية الموازية لإخفاء قيم معاملاتهم التجارية من أجل التهرب الضريبي مباشرة أو الحصول على مقابل مالي من العمالة المتستر عليها والتي تحقق مبالغ كبيرة جداً¡ يتم إخفاؤها وحرمان الاقتصاد الرسمي منها. إن أصحاب الأعمال الفردية والشركات الصغيرة التي تتستر على عمالتها تقوم بجمع الإيرادات النقدية من أجل استخدامها في إطار استراتيجيات التمويل الذاتي وغير المبلغ عنه بدلاً من إيداعها¡ حيث تقوم بدفع ثمن المخزون والواردات ورواتب الموظفين نقداً.
ورغم ما تبذله وزارة التجارة والاستثمار من جهود كبيرة لمكافحة ظاهرة التستر ومنها تطبيق نظام المدفوعات الإلكترونية في المنشآت التجارية¡ لتقليص التعاملات النقدية التي هي أساس انتشار التستر والاقتصاد الخفي بجميع أنواعه¡ إلا أن الوزارة تدرس حالياً فكرة تمكين الأجانب من التملك في المنشآت¡ كإجراء جديد يقضي على التستر قبل حدوثه. وهنا نسأل عن مدى جدوى هذه الفكرة للحد من ظاهرة التستر حال تطبيقها مع استمرار شراكة المتستر السعودي والمتسر عليه الأجنبي في ممارسة أعمالهما معاً في جني فوائد التستر¡ حيث إن هذه الفكرة تعيد إنتاج التستر بصبغة شرعية تمكن المتسترين والمتستر عليهم إثبات شرعيتهم واستمرارهم في التخفي والتهرب الضريبي عبر التستر التجاري.
وطبقاً لتحليل الاقتصادي القياسي فإن المتستر والمتستر عليه يقيما تكلفة خروجهما من دائرة التستر بمقارنة الفوائد والعقوبات المتدنية مع مخاطر كشف تسترهما¡ وهذا يفسر العامل السببي والرئيسي للعلاقة القوية بين التستر ومصدر الدخل المرتفع من خلال فرصة التستر المتاحة واحتمالية عدم اكتشافه. لذلك علينا أن نفرق بين تحويل الأعمال التجارية غير الرسمية إلى رسمية وبين إضفاء صبغة الشرعية على أشخاص يمارسون أعمال مخالفة للأنظمة وتحفيزهم على الاستمرار في تسترهم والتهرب الضريبي (Tax evasion) وليس فقط تجنب الضريبة (Tax avoidance)¡ بينما استثمار الأجنبي متاح له من خلال نظام الاستثمار الأجنبي.
إن علاج التستر يكمن في معرفة أسباب ظهوره والعوامل الداعمة لنموه بدلًا من التعامل مع أعراضه¡ لذا ينبغي وضع الحلول السليمة التي تتفهم هذه الأسباب¡ ومن ثَمَّ تغليظ عقوبة التستر ووضع الحواجز غير المحفزة أمام الراغبين في ممارسة أعمال التستر وتضييع الفرصة عليهم¡ وزيادة جاذبية الاقتصاد الرسمي إلى الدرجة التي تلغي أهمية الدخول أو الاستمرار في التستر من خلال تسهيل الإجراءات والتمويل وتوظيف السعوديين وإلغاء الكفيل وخفض التكاليف نسبيًا إلى الاقتصاد الخفي حتى تصبح منافع الدخول إليه هامشية.




http://www.alriyadh.com/1792512]إضغط هنا لقراءة المزيد...[/url]