عملت لفترة من حياتي في شركة يابانية لصناعة المحتوى الموجه للهواتف والإنترنت قبل عصر الآيفون¡ وكانت تلك الشركة صغيرة وناشئة مما منحني فرصة كبيرة للتعلم والاستفادة ممن حولي وخاصة رئيسة الشركة السيدة توكوميتسو كيوكو¡ ومن أهم الدروس التي تعلمتها:
المدير أول من يحضر الدوام: كانت السيدة توكوميتسو هي أول من يحضر صباحاً إلى الشركة وينير أضواء المكتب قبل الدوام الرسمي وقبل وصول أي موظف آخر. ومهما حاولت وزملائي الشباب التبكير نجدها جالسة في المكتب رغم أنها كانت في منتصف الخمسينات. كانت من النوع الذي يؤمن بإنهاء أهم الأعمال في الصباح الباكر حيث الذهن صافٍ¡ ولا توجد اجتماعات أو اتصالات تعكر أو تقطع تركيز حبل الأفكار.
الإدارة في الميدان: وصلت رسالة من أحد المشتركين في خدمات الشركة المدفوعة حول مشكلة يواجهها بالموقع¡ قررت السيدة توكوميتسو الاتصال بالمشترك وحل مشكلته¡ وبعدها مباشرة قامت بمراجعة كافة الإيميلات المشابهة¡ والتأكد من الردود التي تمت والبحث والتدقيق في المشكلات والشكاوى والملاحظات الواردة من العملاء. تطلب هذا العمل البقاء في الشركة 48 ساعة متواصلة.. وبعدما انتهينا¡ كان تعليقها:" لا تتهاونوا في الأخطاء الصغيرة¡ إيميل واحد غير مسؤول كفيل بأن يجعل شركة كاملة تنهار وتعلن إفلاسها!". تعلمت كيف يكون المدير في قلب الحدث مع الموظفين والعملاء وليس يدير عن بعد أو عبر التقارير المكتوبة والرسوم البيانية فقط.
فاجئ رؤساءك: روت السيدة توكوميتسو لنا أنها في بدايات حياتها العملية كانت تحرص على مفاجأة رؤسائها أو عملائها وذلك بإنجاز العمل في زمن قياسي. ومن ذلك أن يطلب منها مديرها تقديم التقرير بعد أسبوع ليفاجأ به جاهزاً بعد ساعتين¡ إضافة إلى ذلك تقديم عمل أكثر مما هو متوقع مما يرفع درجة الثقة بك كشخص يمكن الاعتماد عليه.
لا تجامل في مصلحة العمل: كانت السيدة توكوميتسو تعمل في قطاع الاستثمارات¡ وتخصصها هو مساعدة الشركات للدخول في سوق الأسهم¡ واستقطبت استثمارات لهذه العملية وأشرفت عليها في الشركة التي عملت بها¡ ولكن وبعد فترة توصلت إلى قناعة تامة بأن الرئيس التنفيذي الذي أسس الشركة ومن معه ليسوا مؤهلين أو عندهم التزام حقيقي لإنجاح الشركة تجارياً¡ وكان القرار بالاستغناء عن ذلك الفريق¡ وتولت قيادة الشركة من باب المسؤولية تجاه المستثمرين¡ ولم تتردد في تحمل ذلك العبء والتركة الثقيلة.
تمتع بالإجازة: بمجرد انتهاء دوام يوم الجمعة كانت السيدة توكوميتسو تتجه إلى خارج طوكيو لتمارس هواية صيد الأسماك صيفاً والتزلج على الجليد شتاء¡ وتعود بعدها صباح الاثنين وقد شحنت طاقتها الذهنية لأسبوع كامل.
وختاماً¡ أعرف ثلاثة من موظفي تلك الشركة الصغيرة أصبحوا رؤساء لشركات لاحقاً¡ ومن المهم أن يتذكر القائد والمدير دوماً أنه قدوة¡ وأن من معايير نجاحه صناعة أجيال من بعده تتفوق عليه وربما تذكره بخير..




http://www.alriyadh.com/1793086]إضغط هنا لقراءة المزيد...[/url]