أحسست وأنا أقرأ رواية عبدالرحمن المنيف¡ (أرض السواد 1400 صفحة)¡ أنني أقرأ صورة العراق بكافة مكوناته¡ للحد الذي لا تستطيع فيه التفريق بين المكونات العقائدية والعرقية والمناطقية¡ كلهم في هذه الرواية كاملو الأهلية¡ لهم طموحاتهم ومشكلاتهم وأحقادهم¡ لكنهم مؤمنون أن العراق¡ الأرض والطبيعة والجغرافيا والسكان¡ يكسب راحته واستقراره عندما يكون سيد قراره¡ حريصاً قدر طاقته على مقاومة دول وجماعات تتناوش سيادته وقراره¡ وهي في تلك المرحلة¡ الأكراد¡ العشائر¡ الدولة العثمانية وإيران وفرنسا وبريطانيا¡ والأخيرة يتحرك سفيرها ومعه زوجته وأركان سفارته¡ في طول البلاد وعرضها¡ باحثاً ومنقباً عن المعلومات والآثار والهواء الطلق¡ ومسلطاً اهتمامه على أدق ما يحدث في العراق¡ بواسطة عيونه المبثوثة في كل ركن.
تدور أحداث هذه الرواية في القرن التاسع عشر¡ عندما حكمها داود باشا¡ وهو مملوك جيء به وهو في الحادية عشرة من العمر من جورجيا¡ وبيع عدة مرات في بغداد¡ قبل أن يشتريه حاكم العراق آنذاك سليمان باشا الكبير ويخضعه لدراسة اللغة العربية والعلوم الدينية حتى أسلم وأصبح وهو شاب يلقي دروساً دينية في جوامع بغداد¡ إضافة إلى انخراطه في خدمة عائلة سليمان باشا¡ وقبل وفاة هذا الوالي أوصى بالولاية لابنه سعيد الذي عرف عنه اللهو والطيش¡ وكان أول قرارات الوالي الجديد ملاحقة داود¡ الذي هرب ومعه أعوانه إلى الشمال¡ ومن هناك خطط للقضاء على حكم سعيد باشا¡ حيث تسلل أحد أعوانه إلى غرفة نومه ليقوم بفصل رأس سعيد باشا عن جسده¡ وهو بين النوم واليقظة منزوياً في حضن أمه¡ وعندما مدت الأم يدها على جسده للاطمئنان عليه وجدت ابنها في حضنها جسداً بلا رأس!
وحال استقرار داود باشا في الحكم بدأ يواجه أنواعاً من القلاقل أبرزها يقودها أبناء البادية¡ لكنه بعد أن قضى على تمردهم¡ وجد من ساعده في القضاء على سعيد باشا يحاول خلق المشكلات بالتعاون مع الإيرانيين¡ وبعد أن قضى عليه وجد أن الباب العالي بدأ في التدخل في الشؤون العراقية حتى وصل تدخله درجة لم يستطع الصبر عليها¡ فقام بإعدام صادق باشا مبعوث الدولة العثمانية التي دعمته في تسلم ولاية العراق بعد قضائه على الوالي السابق سعيد باشا¡ وقد جاءت هذه الحادثة بعد رحيل السفير البريطاني وأركان سفارته عندما شعر بالمضايقة وبالحد من حركته في أرض العراق¡ عندما شعر داود باشا أنه يقوم بأدوار مشبوهة للحد من سيادة العراق¡ بتعمده تعطيل واردات العراق من بريطانيا وتشجيع التجار على حجب السلع¡ وقد تسببت الحادثتان في توجيه قوة من حلب¡ للقضاء على سليمان باشا¡ ترافقت مع انتشار الطاعون¡ الذي تسبب في هلع ووفيات طالت العديد من المدن العراقية¡ وقد قيل إن عشرة من أبناء داود ماتوا في الحادث! وقد اختبأ داود باشا من يد الحاكم الجديد¡ ليسلم نفسه للدولة العثمانية¡ التي عفت عنه وأبقته عندها حتى رحيله إلى المدينة المنورة.




http://www.alriyadh.com/1793089]إضغط هنا لقراءة المزيد...[/url]