تأتي شخصية المؤسسة من شخصية أفرادها باعتبارها مجتمعًا له ثقافته الخاصة. ومع وجود مهمات للمؤسسة تعرف نطاق عملها وقيمًا تلتزم بها¡ تعلن عنها وتشيعها عبر وسائل متعددة¡ إلا أن هذه المهمات والقيم ترسم خطوطا عريضة لشخصية المؤسسة. تتيح الخطوط العريضة لشخصية المؤسسة لأفرادها تكوين ثقافة واحدة أو ثقافات مختلفة - حسب حجم المؤسسة وهيكلها - بحيث يمكن لعدد من المؤسسات بالمهمات والقيم نفسها أن تكون لها شخصيات مختلفة. ستجد مثالاً على تعدد اختلاف شخصية المؤسسة في الجامعات¡ حيث إن كل جامعة لها ثقافتها التي تختلف عن الأخرى رغم تطابق المهمات والقيم.
في كتاب (المبادئ) يقدم راي دايلو عددًا من المبادئ التي كونت مؤسسته التي تعد اليوم من أنجح المؤسسات الاستثمارية في نيويورك. كانت شركته (بردج واتر) في الثمانينيات الميلادية مكونة من أفراد يعدون على أصابع اليد الواحدة¡ أما اليوم فهي شركة من ألف وخمس مئة موظف تدير أصولاً بقيمة 160 مليار دولار. شركته التي نمت في ثلاثين سنة من شركة صغيرة إلى أكبر الشركات الاستثمارية في العالم¡ اعتمدت في قراراتها على مجموعة من المبادئ الشخصية والمؤسسية. فقد دون لنفسه أولاً مبادئ الحياة بناء على تجربته الشخصية¡ ثم استوحى منها متطلبات النجاح المؤسسي¡ ودون مبادئ العمل. وبالنظر إلى مبادئ الحياة ومبادئ العمل¡ تجد تقاطعات بين المنظومتين¡ مع وجود فروقات هيكلية تتعلق بطبيعة العمل المؤسسي. من أهم الفروقات الهيكلية اعتبار المؤسسة محركًا ينظر إليه من زاويتين: زاوية التصميم وزاوية الموظفين (الناس). ويقع المحرك في المنتصف بين الأهداف والنتائج¡ بحيث تحقق المؤسسة أهدافها من خلال المحرك. من منظور مبدأ الحياة¡ فإن المحرك هو الإنسان نفسه¡ حيث تحقق الأهداف من خلاله.
ما يجمع منظور الحياة مع منظور العمل هو مبدأ التجرد¡ الذي يتطلب تحقيقه النظر إلى الذات من الخارج. ففي منظور الحياة يتطلب من الإنسان أن يتجرد من منظوره الشخصي عن نفسه ويجد طريقة للوصول إلى الحقيقة بعيدًا عن الانحيازات النفسية. في منظور العمل على قائد المؤسسة أن ينظر إلى المحرك لتقويم التصميم والموظفينº حيث على التصميم أن يتواءم مع الموظفين وعلى الموظفين التواؤم مع التصميم. في الحالتين¡ يتطلب تحقيق مبدأ التجرد توظيف وسائل منهجية لتحقيقها. وبوجود مجموعة من الوسائل لتحقيق المبادئ يصبح لدى المؤسسة أدوات موجهة تضمن تطبيق المبادئ في عمليات اتخاذ القرار. مقارنة بالوسائل التقليدية¡ أو بمنهج إدارة المؤسسات اليوم¡ فإن القرارات تتخذ دون أن يكون لدى أغلب المشاركين فهم لمنهجية اتخاذ القرار أو المبدأ الذي ينطلق منه. ما يقدمه دايلو في كتاب (المبادئ) وصف مفصل للمبادئ التي تحكم قراراته الشخصية والمبادئ التي تحكم قرارات مؤسسته. وبتبني مبادئ المؤسسة وتوفير أدوات تحقيقها تصبح القرارات ذات سمة واحدة كما لو أنها صدرت من شخص واحد.




http://www.alriyadh.com/1799422]إضغط هنا لقراءة المزيد...[/url]