يقال: إن العالم أصبح قرية صغيرة¡ هذه مقولة غير دقيقةº لأنها تنسحب على موضوع تقنية الاتصالات والمعلومات فقط¡ العالم لم يتغير¡ دول وحدود وتأشيرات وتفتيش¡ عالم بلا ثقة¡ ألا يفترض أن تنعكس العلاقات الدبلوماسية الجيدة بين الدول على العلاقات الإنسانية¿..
حين يقرر إنسان السفر خارج بلده لقضاء إجازته يكون أمامه عدد من المعايير التي تساعده على اختيار وجهته¡ من هذه المعايير وفي قمتها معيار الأمن¡ ثم الطقس والأسعار وتنوع الاختيارات السياحية والفعاليات¡ وروح الصداقة.
أحد الأصدقاء بدأ يغير في أولوياته بالنسبة للمعايير السابقة¡ اتخذ قراراً حاسماً يتمثل في عدم السفر إلى دولة تشترط التأشيرة أو تضع متطلبات مزعجة للحصول عليها. منطق هذا الصديق يقول: إنه يسافر كسائح سوف يساهم في نجاح السياحة واقتصاد البلد¡ فلماذا يضعون أمامي العراقيل وهم المستفيدون من زيارتي¿ بهذا المنطق يختار الصديق السفر إلى بلد لا يطلب تأشيرة أو يوفر إمكانية الحصول عليها في المطار.
قرار صديقنا قرار فيه شيء من المنطق¡ حتى التبرير الأمني¡ وهو تبرير مهم ومنطقي يمكن معالجته بالتقنية.
لقد أصبح الحصول على تأشيرة الدخول لبعض الدول عملية مزعجة ذات متطلبات كثيرة¡ حين يصل المسافر إلى مطار دولة أجنبية يكون همه الأول ومصدر قلقه هو تجاوز منطقة الجوازات حتى لو كانت لديه تأشيرةº منطقة انتظار وزحام وقلق تجعل المسافر يسترجع ما يدور من أفكار ومبادرات حول السلام العالمي¡ والتسامح¡ والحوار¡ والعلاقات بين الدول.
أجد من المناسب هنا أن أتفق وأشيد بما طرحته لجنة الشؤون الخارجية بمجلس الشورى¡ وقد جاء في التقرير: "لا يزال المواطن السعودي يواجه صعوبات واشتراطات وطول إجراءات للحصول على تأشيرة بعض الدول¡ وانسجاماً مع ما اتخذته المملكة مؤخراً من إجراءات لتسهيل الحصول على التأشيرة لدخول المملكة طالبت اللجنة وزارة الخارجية البحث مع نظيراتها في الدول التي تم تسهيل إجراءات الحصول على تأشيرة الدخول لرعاياها إلى المملكة¡ لتسهيل حصول المواطنين السعوديين على تأشيرات الدخول لتلك الدول وفقاً لمبدأ المعاملة بالمثل سواء من حيث الوقت اللازم للحصول عليها أو من ناحية الرسوم المستوفاة. جريدة الرياض/ الأحد 3 جمادى الأولى/ 1441".
ما طرحته لجنة الشؤون الخارجية بمجلس الشورى مطلب منطقي خاصة أن المملكة بادرت مؤخراً بتسهيل إجراءات الحصول عل تأشيرة الدخول للمملكة¡ حيث أعفت مقدم طلب التأشيرة لزيارة المملكة من الإجراءات الروتينية¡ وصار بإمكانه الحصول عليها عن طريق الإنترنت أو بعد الوصول إلى منافذ الدخول. بادرة سعودية تتفق مع بناء الجسور الثقافية والإنسانية مع المجتمعات الأخرى.
يقال: إن العالم أصبح قرية صغيرة¡ هذه مقولة غير دقيقةº لأنها تنسحب على موضوع تقنية الاتصالات والمعلومات فقط¡ العالم لم يتغير¡ دول وحدود وتأشيرات وتفتيش¡ عالم بلا ثقة¡ ألا يفترض أن تنعكس العلاقات الدبلوماسية الجيدة بين الدول على العلاقات الإنسانية¿
لا تزال كثير من الدول تتمسك بالإجراءات الروتينية التي زادت في السنوات الأخيرة لأسباب أمنية¡ أحد المتطلبات يقول: لا بد من توضيح الهدف من السفر بشكل دقيق. ولا أدري ما المقصود بكلمة "دقيق"¡ فإذا كان الهدف هو السياحة فماذا أقول أكثر من ذلك. المتطلب الثاني وجود تذكرة سفر موضحاً بها تاريخ الذهاب والعودة. كأن هذا المتطلب يقول: إن المسافر يمكن أن يطلب تأشيرة وهو لن يسافر¡ وتقول أيضاً: إن المسافر إذا أعجبته البلد وأراد تمديد زيارته فلن يستطيع لأنه سبق أن حدد تاريخ العودة!
هذه هي حال عالم اليوم¡ هل هذا العالم قرية صغيرة¿ الإجابة لدى الحدود والجدران والتأشيرات ومراكز التفتيش¡ نعم العالم قرية صغيرة ولكن من خلال النت والعالم الافتراضي¡ الآن نفتح أبواب عام جديد 2020¡ فهل سندخل إلى عالم جديد ونعيش كما يعيش أبناء القرية الصغيرة¿




http://www.alriyadh.com/1800236]إضغط هنا لقراءة المزيد...[/url]