رغم التقدم العلمي غير المسبوق¡ والثورات الهائلة في ميادين الطب ومواجهة الأوبئة¡ يأتي وباء "كورونا الجديد" الذي يثير هلعاً عالمياً هذه الأيام ليكشف أن العالم ليس محصناً أبداً كما نظن¡ وأن المسيرة الإنسانية رغم وثباتها الكبرى واكتشافاتها العظيمة لا تستطيع الإجابة على جميع الأسئلة الكونية¡ كما جاء في الآية الكريمة: (وَمَا أُوتِيتُم مِّنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا).
الوباء الجديد الذي بسببه تم عزل مدن بأكملها¡ وعلقت العديد من شركات الطيران رحلاتها إلى مناطق انتشار المرض¡ يذكرنا بحدود الإنسان¡ الذي ربما ظن في حمأة التطور وإنجازات العلم المذهلة أنه بات قادراً على كل شيء¡ وأن لا حدود لقدراته وإمكاناته¡ غير أن الإرادة الإلهية توقظه كل مرة من وهمه¡ فهذه حرائق أستراليا عجزت كل منتجات التكنولوجيا عن وقفها¡ وها هي الفيضانات والزلازل تخلف الدمار والخراب في أشد الحضارات تقدماً ومعرفة¡ والآن تأتي سلالة جديدة من فيروس كورونا¡ لتثير تأهباً وخوفاً في كل أنحاء المعمورة.
بالطبع ليس لأحد أن يبخس العلم والكشوف المعرفية فضلهما على ما نعيشه في عالم اليوم من رفاهية وتقدم¡ وارتفاع معدل عمر الإنسان إثر التقدم الكبير في ميادين الطب والصحة العامة¡ إلا أن مثل هذه التحديات التي تواجهها البشرية من حين لآخر فرصة مثالية ليتذكر الإنسان حدوده بحق¡ فلا يأخذه غرور القوة ليطغى على الآخرين¡ أو يهضم حقوقهم¡ أو ينشر الفساد في الأرض¡ أو يسخر معرفته في ميادين الشر والأذى.
ينبئنا الهجوم الجديد لوباء كورونا المتحور¡ أن عالم القرن الواحد والعشرين ما زال هشاً¡ وما زالت تخوم المعرفة بعيدة رغم كل هذه المسيرة الطويلة¡ ويجدر بالبشرية أن تتعظ من دروس الطبيعة وامتحاناتها العسيرة لتراجع نفسها¡ وتقلع عن طبيعة الاستقواء¡ ومحاولات الهيمنة أو الإقصاء¡ وتتوجه إلى سياسات التعاون والتكامل ما يعود بالخير على الإنسانية جمعاء¡ تماماً كما حدث مع الوباء الجديد عندما استطاع فيروس مجهول أن يوحد جهود العالم في مواجهته¡ وليتذكر الإنسان دائماً: (وفوق كل ذي علم عليم).




http://www.alriyadh.com/1800399]إضغط هنا لقراءة المزيد...[/url]