في مطلع الشهر الجاري انشغلت مجتمعات مواقع التواصل الاجتماعي بواقعة غير مألوفة¡ أخرجتها للعوام شركة أو كيان** مُسمى بـ Ourmine تمكنت بشكل ما من اختراق حساب فيسبوك على موقع تويتر والتغريد منه: "حتى فيسبوك قابل للاختراق¡ لكن نظام حمايته على الأقل أقوى من تويتر.." وأُرفقت الرسالة بدعوة للحصول على خدمات الشركة لتأمين الحسابات الإلكترونية. نمط غير متوقع من الدعاية من شركة تزعم أنها قادرة على منحك "راحة البال".. تلك بالمناسبة لم تكن تجربة Ourmine**الأولى في اختراق حسابات المشاهير¡ فقد اخترقت من قبل حساب فيسبوك على موقع انستغرام¡ وكذلك حسابات بعض من نوادي كرة القدم الأمريكية¡ مسألة في المجمل مثيرة للاهتمام¡ جاذبة للجماهير فضلًا عن المتخصصين¡ إذ يبدو وكأن الشركة تدفع بالتقليل من شأن نظم الحماية الخاصة بتويتر بالمقارنة مع العملاق الأزرق.
بتصفُح سريع للموقع الرسمي للمجموعة¡ يمكننا أن نُلاحظ التأكيد على تأمين الحسابات من الاختراق كهدف أساسي لكافة عمليات الاختراق العديدة التي تقوم بها المجموعة! على موقعهم يصفون أنفسهم بأنهم "قبعات بيضاء". ولمن لا يعلم¡ فإن الاختراق الإلكتروني عالم عملاق ومتشعب¡ يتشارك فيه الأدوات مخترقون أو قراصنة طالحون يخترقون المواقع والحسابات بهدف سرقة البيانات وانتهاك خصوصية أصحابها¡ ومخترقون صالحون أو ما يُعرف "الهاكر الأخلاقي" والمعروفون عالميًا أيضًا بذوي القبعات البيضاء¡ هؤلاء يستخدمون الأدوات ذاتها ولكن لأهداف جيدة¡ كاختبار مدى أمان المواقع والأنظمة الإلكترونية¡ وبالذات الرسمية والحكومية منها¡ وتلك التي تحتوى على بيانات سرية وحساسة¡ فضلاً عن مساعدة أصحاب الحسابات المخترقة على استعادة حساباتهم وحماية بياناتهم من الاختراق مرة أخرى.
وبالرغم من أن مجموعة Ourmine تلك نفسها بأنها مجموعة اختراق أخلاقية¡ إلا أن طريقة إعلانها عن نفسها¡ وترويجها لخدماتها المفترضة¡ تجعل "أخلاقية" المجموعة نفسها موضع شك وتساؤل¡ ففي حين حرصت Ourmine**في التغريدات الأخيرة في دقائق اختراق حساب فيسبوك على موقع تويتر على أن تنوّه من بعيد لمقارنة بين مدى تماسك البنية التأمينية لتويتر مقابل فيسبوك¡ تبقى مسألة عرض خدمات الاختراق تلك -حتى ولو بنيات طيبة- دون إذن¡ يثير سؤالاً مشروعًا حول مدى مهنية وسيلة الترويج والتسويق تلك¡ ومحلها من أخلاقيات التسويق بشكل عام¡ بالنظر لهذه الحالة الخاصة جدًا¡ حالة مجموعة Ourmine¡ في غياب تام لأبجديات التسويق الأخرى¡ والتي قد يكون من الاستحالة بمكان الإفصاح عنها¡ كالإفصاح على سبيل المثال عن عملائها الفعليين¡ ومدى مساهة المجموعة في جعل أنظمتهم أكثر أمانًا.
تعلمنا دائمًا أن أقصر الطرق للنجاح هي الالتزام بالمعايير المهنية والأخلاقية في الإعلام¡ ولا يمكن استثناء مجال التسويق عن المعادلة تلك¡ إلا أن ما يبدو جليًا في الآونة الأخيرة أن السباق المحموم لتحقيق الأثر الفريد في أذهان المستهلكين يدفع بعض الشركات**لتخطي القواعد والمعايير بغية تخليد أنفسهم في لقطة ذهبية من لقطات عصر مواقع التواصل وقوائم الترند دائمة التبدل¡ وما يمكن التكهن به بسهولة أن OurMine ستحظى بظهورات خاصة في الوسائل الإعلامية المختلفة حول العالم¡ وتولد غير جدل بين المتخصصين محققة شهرة لم تكن لتحققها باتباع استراتيجيات التسويق الاعتيادية¡ لكن ماذا عن أمن المستهلك وسلامة بياناته وراحته الشخصية¿ ماذا عن تكوين قاعدة من المستخدمين المخلصين للعلامة التجارية¿ ممن تحدد سماتها بناء على هامش الثقة ما بين العميل والشركة المقدمة للخدمة.. هل يمنح الجمهور حقًا ثقته لشركة أو كيان لا يؤمن بوجود حاجز أخلاقي يمنعها من القيام بممارسة¡ ثم يسعى لحماية**المستخدمين من شرورها¿




http://www.alriyadh.com/1804659]إضغط هنا لقراءة المزيد...[/url]