العالم مليء بالتقارير التي تتناول مختلف المجالات من الاقتصاد إلى السياسة والاجتماع. وهذا شيء جيد¡ لأنه يساعد من يسعى إلى الكمال للبحث عنه من خلال هذه التقارير التي تبين النواقص في هذا النشاط أو ذاك. ولذلك¡ عندما قرأت في الأسبوع الماضي تقرير عن السعادة الذي جاء فيه أن دولة فانواتو**Vanufatu هي ثالث أسعد دولة في العالم¡ اهتممت بمعرفة الأسباب التي تجعل من هذه الجمهورية التي لا يتجاوز عدد سكانها 300 ألف نسمة¡ واحدة من أسعد بلدان العالم.
وأنا كتبت فيما مضى عن أن بعض بلدان دول مجلس التعاون توزع على المواطنين 3 أراض لكل منهم: أرض للزراعة وأرض للصناعة وأرض للسكن. هذا الكلام سمعته مباشرة من رئيس إحدى الغرف التجارية الصناعية في بلداننا الخليجية. وأتذكر حينها إن الجميع قد لفت انتباههم مدى الزهو والاعتزاز الذي كان يرتسم على محيا رئيس الغرفة التجارية الصناعية وهو يتحدث إلينا عن الأراضي الثلاثة.
بالفعل¡ فإن سكان فانواتو عندما سئلوا عن الأسباب التي تجعلهم سعداء وضعوا على رأسها عودة تملك الأراضي إليهم بعد الاستقلال. فمقدرة الغالبية العظمى من سكان هذه الجزر على تملك الأراضي والعيش فيها وزراعتها¡ قد لعبت دوراً كبيراً في السعادة التي يشعرون بها. وهذا يتفق مع اعتبار الاقتصاديين للأرض بأنها أم الثروة. ولهذا فليس مستغرباً أن يشعر من يملك الثروة بأنه سعيد.
الأمر الآخر الذي يجعل سكان فانواتو سعداء أكثر من غيرهم¡ هو تمكنهم من الحصول على بعض السلع دونما مقابل. وهذا ربما يعني أن هناك ما يشبه التعاونيات التي يعمل فيها الجميع وتصبح بالتالي منتجاتها ملك للجميع. وانا أتذكر¡ عندما كنت في الكويت¡ إن هناك علاقة خاصة بين السكان والأسواق التعاونية. إذ بالرغم من السوبرماركتات الضخمة والغنية بمختلف الأصناف¡ فإن الكويتي يترك للسوق التعاونية جزءاً من وقته وهو في طريقه إلى البيت. فالأسواق التعاونية توجد في جميع الأحياء النموذجية التي سكانها مشتركين في هذه التعاونيات. وبالتالي فهي لن ترفع أسعارها على مشتركيها.
إذاً¡ فإن الشعور بالسعادة ليس مكلفاً إلى تلك الدرجة¡ أو هكذا يفترض. فإذا تمكن السكان من الحصول على الأراضي التي يحتاجونها للسكن وقروض ميسرة لبناء المساكن عليها¡ فإن ذلك سوف يساهم في إدخال السعادة إليهم. كذلك الأسواق التعاونية في الأحياء السكنية¡ وخاصة في الأحياء غير النموذجية¡ مهمة للحصول على اللوازم التي يحتاجها سكانها بأسعار غير مبالغ فيها. ولذلك¡ فإن السؤال الذي يطرح نفسه بنفسه هنا هو: من سوف يعلق الجرس¿




http://www.alriyadh.com/1804725]إضغط هنا لقراءة المزيد...[/url]