نحن اليوم على أعتاب المرحلة الجديدة التي تؤسس للتسامح بين أبناء الفقه الواحد الذي تفرعت غصونه من شجرة واحدة على وطن واحد موحد¡ إلا أنها مرحلة سمحت للرأي الفقهي بأن يكون أوسع مما حصرناه سابقًا¡ فما نراه اليوم في كثير من الفعاليات والاحتفالات والقنوات ومواقع التواصل لا يخرج عن استناده إلى رأي فقهي معتبر..
(ولات حين مناص) آية في كتاب الله¡ يحفظها القراء ويُسمعونها¡ ويمر عليها كثير من المسلمين مرور الكرام¡ وما أخصرها وما أبلغها¡ إذ جمعت بين تصوير الموقف الرهيب لأقوام أحاط بهم العذاب من كل جانب فلم يجدوا عنه مفرًا لا إلى توبة ولا إلى ما يقيهم إياه¡ وقد يكون ذلك تصويرًا لمشاهد حدثت فعلاً في الدنيا في الأمم الغابرة¡ وأيضًا سيكون مشهدًا مكررًا حين تغلق أبواب "الندم والاستعتاب" ويبقى مجرد ألفاظٍ يؤنب بها المرء نفسه "يا ليتني قدمت لحياتي"¡ ولا أسهب هنا في سرد موعظةٍ قد لا يكون هنا موضعها¡ غير أني أقارن بين مشهدين تماثلا وإن تفاوتا في المآل¡ إلا أن الصورة تتقارب أبعادها في سراب الندم¡ وذلك حين نمر على كثير من ذكريات الماضي ومبدعي الزمن المنصرم¡ فنجد أن هناك من حاول أن يخترق حاجز "المنع" الذي أقامته الأعراف المجتمعية استنادًا على نمط الفقه السائد على المجتمع¡ ولست في معرض نقاش هل النمط الفقهي استند على أعراف المجتمع أم المجتمع تأثر بالفقه السائد¡ ولعلنا نناقش ذلك لاحقًا¡ وإنما نريد أن نتوقف عند كثير من العبارات التأسفية التي تصدر من كثير منا ندمًا على خطبةٍ ألقاها أو كلمة قالها¡ هذا إذا ما كان المتندم واعظًا أو فقيهًا¡ ولكن قد يكون كاتبًا أو مبدعًا فنيًا¡ أو كان ممن يستطيع فعل شيء ولو بشطر كلمة¡ حين هُمش المبدعون¡ وسكرت أبواب أمام من يخالف ما عليه الناس¡ ولو كانت المخالفة بريئة من "المعصية" لكن هكذا كنا¡ والأدهى أنه ما زالت كثير من النفسيات تحمل هذا التوجه¡ وتحاول جهدها أن تعيد ترميم الحاجز الذي انهار أمام تفشي المعرفة وسهولة الوصول إلى المعلومة¡ فمع معرفة المجتمع أن هذا الأمر لا غبار شرعيًا عليه¡ وأنه كان الواجب على فقهائنا ووعاظنا أن ينشروا أوساطنا ثقافة قبول الآخر واحتواء المخالف دون الوقوف ضده وقفة المفسق والمبدع¡ وبعيدًا عن نظرة الازدراء التي يعيش بها كثير من سطحيي التدين الذين يحكمون على من يخالفهم بتلبس الفسق والعيب هذا إن سلم من التكفير والغمز واللمز في تدينه!.
وها نحن اليوم على أعتاب المرحلة الجديدة التي تؤسس للتسامح بين أبناء الفقه الواحد الذي تفرعت غصونه من شجرة واحدة على وطن واحد موحد¡ إلا أنها مرحلة سمحت للرأي الفقهي بأن يكون أوسع مما حصرناه سابقًا¡ فما نراه اليوم في كثير من الفعاليات والاحتفالات والقنوات ومواقع التواصل لا يخرج عن استناده إلى رأي فقهي معتبر¡ وإن كانت بعض التفاصيل تحتاج إلى المراجعة والإنكار أيضًا¡ ولكن ليس ذلك الإنكار الذي اعتمد نفسًا سوداوية وجبينًا يكاد يتقطع من الحنق¡ وصوتٍ يكاد يخترق الجبال¡ على ماذا¿!! على مسلم سلك العمل برأي إمام من أئمة المسلمين¿ ولو وقع في أخطاء في تفاصيل تطبيقه فليس لنا أن نحول بينه وبين إبداعه إن لم تكن عندنا المبادرة لسد الخلل بما يسير به في طريقه¡ حتى لا تمر علينا حقبة أخرى من الدهر نقضيها في وأد المبدعين¡ ونحرم الوطن من كثير من الخيرات والعائدات التي قد تدخل عليه¡ ثم بعد حين نعود إلى التندم ليتنا كنا وليتنا فعلنا.
وقد أصور لك مثلاً امرأة عجوزًا قد انحنى ظهرها اليوم¡ أمضت زمانها ما بين السير على الأقدام من مكان إلى مكان وبين بذل النقود لاستئجار مواصلاتها وإشغال محارمها لمصاحبتها وإرهاقهم بما كان يغنيها ويريحها عنه لو كنا قد قلنا "يجوز للمرأة أن تقود السيارة"¡ فها هو الندم السراب الذي لا ينفعها ولا يعيد لها ما بذلته ولا وقت من أشغلته وليس لها إلا احتساب الأجر فيما أخطأ فيه الآخرون عليها¡ ولا نريد أن نعيد الندم ذاته بسرابه في أمور أخرى تشابهه أو لا تشابهه. هذا¡ والله من وراء القصد.




http://www.alriyadh.com/1804826]إضغط هنا لقراءة المزيد...[/url]