يقع الكثير منا في خطأ توزيع الجهد على عدة مجالات¡ سواء كان هذا الجهد في الحياة الشخصية أو في العمل. والنصيحة التي طالما سمعناها كثيراً من متخصصي تطوير الذات والاستراتيجية هي التركيز. وبالرغم من أهمية التركيز في تحقيق نتائج ملموسة¡ إلا أن البديهة تميل إلى توزيع الجهد على أكثر من اتجاه أملاً في تحقيق نتائج أو أهداف كثيرة في وقت واحد. الذي يحدث أننا نميل إلى الكثرة دائماً¡ إلى قياس النتائج بعددها لا بجودتها. الميل إلى القياس العددي أسهل ذهنياً ولا يتطلب جهداً يذكر¡ فقد تعودنا على أن نتوقع قيمة أكبر من كتاب من ثلاث مئة صفحة مقارنة بكتاب من خمسين صفحة.
إن الانحياز نحو إعطاء قيمة أكبر للحجم والعدد يأتي من قياس خاطئ على أساس الشبه. فنحن نقيس كثرة المال بكثرة الإنجازات¡ وحجم الممتلكات بحجم الأفكار أو المفاهيم. فقد نسعى إلى تحقيق إنجازات كثيرة لكنها تتفاوت في قيمتها¡ وقد نقيس بالعدد في حالات معينة¡ ولو كان مدلولها عكسياً أحياناً كالزيادة في الهدر أو الدينº إلا أن العدد مقياس واحد ضمن مقاييس كثيرة لا تقل أهمية. من أجل ذلك يقع القياس الخاطئ في البحث عن الزيادة العددية حتى لو كان ذلك على حساب مقاييس أخرى مثل الجودة أو العمق. ولأن الميل إلى هذا النوع من القياس الخاطئ شائع ومتوقع¡ نجد أن متخذ القرار الاستراتيجي يقع في خطأ توزيع الموارد في مجالات كثيرة لا يستفاد من بعضها أو كلها. ولأن القرار المؤسسي موزع بين أطراف كثيرة فإن هدر الموارد يأتي لعدم وجود ثقافة تعزز قيمة تركيز الجهود لوجود مفاهيم خاطئة في قياس الإنجاز.
لمواجهة الميل إلى القياس الخاطئ الذي يؤدي إلى أخطاء استراتيجية مثل تفضيل الكثرة على القلة على حساب الموارد¡ فإن على المؤسسة أن تتبنى مبدأ الانحياز الموجه. ففي مبدأ الانحياز الموجه¡ على المؤسسة أن تنحاز إلى أهداف دون أخرى من حيث تركيز الموارد المادية وغير المادية ضمن توجه محدد سلفاً. فمع وجود ميل طبيعي إلى تعدد الأهداف باعتباره أمراً مسلماً به مما يؤدي إلى شح الموارد عند توزيعها على الأهداف بالتساوي¡ فإن على متخذ القرار أن يوجه الموارد إلى أهداف دون أخرى حسب الأولويات الاستراتيجية. وإذا تبنت المؤسسة مبدأ الانحياز الموجه¡ سيشيع تبني هذا المبدأ على مستويات المؤسسة كلها. سيكون على كل موظف أن يدرك أن من مهماته التي توكل إليه¡ مهمات تنال انحيازاً موجهاً يحدد سلفاً. ومع شيوع مفهوم الانحياز الموجه باعتباره مبدأ مؤسسياً¡ سيكون لدى متخذ القرار أداة لترشيد الموارد. إلا أن تركيز الموارد ليس أمراً سهلاً لوجود نزعة نحو المنافسة على الموارد لدى الأفراد¡ ولا يمكن معالجة هذه النزعة إلا بترسيخ المبادئ لتكون جزءاً من الثقافة.




http://www.alriyadh.com/1804827]إضغط هنا لقراءة المزيد...[/url]