بعض الكتاب الرومانسيين يحلو لهم وصف الكاتب - أي كاتب - أنه ضمير الأمة¡ مع أن الكاتب في العادة رهن لضميره فقط¡ وهذا الضمير أحيانا يكون حيا¡ وأحيانا يكون معطوبا¡ لا أمل في شفائه أو تعافيه¡ وأحيانا يكون قطعة بلاستيك يحركها الهواء أو الدينار.
ورغم أن الأثمان التي تدفع لضرب أو إفساد أو إعطاب ضمير الكاتب لا تقارن بما يدفع لضمير موظف عمومي لتغيير مسار معاملة¡ أو لبلطجي لتأديب خصم¡ أو مدمن شغب لتحريك العامة¡ إلا أن هذه الأثمان أو الرشى بالنسبة لكاتب بائس تكفيه ليشمخ بأنفه¡ أو ليقر في ذهنه أنه كاتب مطلوب أو مهم أو محل نظر أو مرهوب الجانب من الذين يتابعون ويقدرون قيمة من يتابعون أو يرصدون من أرباب القلم أو محبري المقالات أو عروض الحال! هذه العينة من الكتاب قادرة على الدوام وبثمن بخس¡ خصوصا إذا صادف ذلك هوى في نفسها¡ على قلب موازين وضع أو مسار قضية أو معاملةº إذا لم يجدوا من يتصدى لهم أو يدين مسارهم.
كثير من الأزمات الاجتماعية والسياسية التي يموج بها عالم اليوم خلفها هذه العينة من الكتاب مثقوبي الضمير¡ الذين يغيرون قميصهم أو ثوبهم أو ضميرهم أو مبدأهم ليوائم مقتضى الحال والظروف. انظر حولك وتمعن أو دقق وسوف ترى من كان في اليمين وقد أصبح في اليسار¡ ومن كان في الشرق وقد أصبح في الغرب¡ دون أن يرف لأحدهم رمش. تصالح تام مع النفس أو الضمير! هؤلاء الكتاب مثلهم مثل البضاعة المغشوشة في كل مكان¡ وهم ليسوا وقفا على مجتمع أو بيئة أو بلد¡ هم في كل مكان¡ لكنهم في الغالب لا يعمرون كثيراº ينتفخون سريعا مثلما تنتفخ البالونات¡ ثم عند أبسط هبة ريح تخمد ذكراهم وتبقى أفعالهم الرديئة شاهدة عليهم¡ خصوصا إذا لم تجد من يصحح مسارها.
الوعى الاجتماعي والتعليم والثقافة والقوانين الصارمة عدو هذه الفئة من الكتاب والمنظرين والمعلقين الذين يتغذون على جهل¡ أو تخلف البيئة التي ينشطون فيها! إذا كنت تكتب أو تتحدث أو تخطبº كن أنت¡ وسوف تجد عاجلا أو آجلا من يصنفك¡ من يضعك في المقدمة¡ أو يضعك في دائرة النسيان أو الإهمال أو التهميش¡ كن ضمير نفسك أولا¡ ضمير الأمة كلها هي الأمة¡ الأمة القادرة على الاستيقاظ في الوقت الملائم¡ أشعر بالأسى وأنا أرى كتابا ومعلقين يغيرون أفكارهم وقناعاتهم أو مواقفهم مثلما يغيرون قمصانهم!.




http://www.alriyadh.com/1805917]إضغط هنا لقراءة المزيد...[/url]