قبل أربعة أشهر تقريباً كتبتُ مقالاً في صحيفتنا العزيزة صحيفة «الرياض»º كان عنوانه: (الرسائل الأدبية في المملكة) وقد ألمحتُ فيه إلى أن أدب الرسائل في المملكة على الرغم من توافر مادته الجيدة ظل غائباً طويلاً عن المشهد الاجتماعي, والثقافي, والنقدي, إلى أن جاء الزميل د. حمدان الحارثي في أطروحته المتميزة (فن الرسائل في الأدب السعودي من 1343هـ – 1420هـ) وأماط اللثام عن هذا الأدب الذي لم ينل حظه من العناية والاهتمام, ولم يجد إقبالاً كبيراً, إلا على نحو ضئيل, وغير متخصص, انحصر في بعض الدراسات النقدية المحاذية في مجال المقالة, أو القصة, أو السيرة, أو الرواية, أو نحوها.
على أن هناك بعض ظلمٍ يلقاه أدب الرسائل حتى في الوطن العربي, ولعل ممن تصدى للدفاع عن هذا الأدب, وتوجيهه إلى صراط جديد, صديقي التونسي د. شفيع بالزين في أطروحته القيمة (الرسائل بين الأدباء في العصر الحديث, مشروع قراءة تداولية) التي أشرف عليها أستاذنا أ.د. صالح بن رمضانº الأستاذ القدير الذي يُحسب له توجيهنا إلى الاعتناء بأدب الرسائل قديماً وحديثاً, بيد أن المكتبة العربية ما زالت ظمأى إلى دراسات مكثفة تهتم بأدب الرسائل, سواء على مستوى الوطن العربي, أو على مستوى المملكة.
وإذا كان زميلنا د. حمدان الحارثي قد يمّم جهده نحو هذا الأدب في المملكة العربية السعودية, وقصر اهتمامه في زمن محدّد, واهتم بأكثر الشخصيات الأدبية وأشهرها, فإن هناك مساحة تحتاج اهتماماً جديداً, سواء في العهد السعودي قبل 1343هـ, أو في العقدين التاليين (ما بعد 1420 هـ إلى اليوم) هذا من جهة, ومن جهة أخرى فإن الشخصيات النسائية تكاد تكون مظلومةً, وإن ألمح د. حمدان الحارثي عن بعض الأسماء كسميرة خاشقجي, وهند باغفار, غير أن الأدب الرسائلي النسائي لا يزال اليوم بِكراً, ولو أحصينا الأسماء النسائية التي أبدعت هذا اللون من الرسائل في العهد السعودي عموماً لوجدناها غائبةً عن الرصد, فضلاً عن النقد.
واليوم ينبري الطالب محمد الصقري في جامعة حائلº ليسجل عنواناً متميزاً لرسالة الماجستير بعنوان: (الرسائل النسائية في المملكة, دراسة سيميائية) محاولاً الولوج إلى عوالم هذا الأدب البِكر, ومستفيداً من تجارب أسماء جديدة معاصرة, من قبيل: (زينب حفني, وأميمة الخميس, وفوزية أبو خالد, وانتصار العقيل, وزكية العتيبي, وبدرية المعتاز, وهدى الدغفق, وغادة الخضير..) وغيرهن. واللافت للنظر في هذا العنوان أنه لم يكن تقليدياً, بل أتى مواكباً لما توصلت إليه المناهج النقدية الحديثة مع عمالقة النقد السيميائي أمثال: (بروب, وأيكو, وغريماس, وسعيد بنكراد) وغيرهم.




http://www.alriyadh.com/1806020]إضغط هنا لقراءة المزيد...[/url]