في عصر التنافسية والبقاء للأفضل والأكثر فائدة للناس¡ بدأت مفاهيم إدارية يتم تدريسها في مجالات علم الإدارة والتنظيم¡ أو في إدارة الأعمال تكتسب أهمية بالغة¡ وفي فترة سابقة تنامت الحاجة لإكساب الموظف أو مقدم الخدمة للجمهور مهارات التواصل وتنمية معارفه ومحاولة إكسابه ثقافة مغايرة تماما لما تعوّد عليه¡ فالصورة التي ترسخت في الأذهان حول الموظف المكشر العصبي الذي يتحدث بالأوامر والزجر مع المراجعين بدأت تختفي¡ أو على الأقل بدأت في الانزواء¡ وباتت مؤسسات القطاع العام تدار بذهنية القطاع الخاص المبني على الربحية ومحاولة كسب رضا العميل وتقديم الحوافز له¡ ولاحظ الجميع تحسنا في الخدمة ونموا مطردا لها¡ بحيث يجب أن يتمتع موظفوها بمهارات عالية في استقبال الجمهور وعلى ثقافة وذكاء عاطفي وإنسانية بالغة للتعامل مع كافة فئات المجتمع¡ ولكن ما مصير الموظفين اليوم بعدما تم إحلال أعمالهم بالتقنية وأصبحوا لا يستقبلون الجمهور¿¡ وكيف نستفيد من مهاراتهم التي سبق وأن تدربوا عليها في التعامل مع الجمهور ومهارات التواصل.
اليوم لا شك أن الخدمات الإلكترونية نقلت مفهوم الخدمات الحكومية والعمل الحكومي إلى مستويات مميزة¡ ولكنها بالمقابل تحتاج إلى المزيد من الأنسنة واستخدام الذكاء الصناعي في التعامل مع المستخدمين من البشر بكافة فئاتهم العمرية وذوي القدرات الخاصة حتى نحقق كفاءة عالية في الاستخدام¡ ناهيك عن موضوع مهم يجب أن نأخذه بعين الاعتبار وهو ما قد يفقده الموظف من مهارات في التواصل اكتسبها في السابق بالتدريب وأصبح اليوم نتيجة للتحول في طبيعة العمل التي تتطلب منه أن يعمل كموظف خدمة عملاء¡ ولكن دون أن يحتك بشكل مباشر بالناس¡ فأصبح الإنترنت والإيميل وجهاز الكمبيوتر والتطبيق وسائط بينه وبين المستفيدين¡ وأصبح يعمل في المكاتب الخلفية والمغلقة التي لا تحتك بالناس ولا تخلق جوا من الحميمية والمشاعر بينه وبينهم مما قد يؤثر على مهاراته ونفسيته.
اليوم الموظف الذي سيشعر أنه سيتم إحلاله بالآلة أو الكمبيوتر أو التطبيق قد تنتابه مشاعر عدم الأمان الوظيفي¡ وبالتالي فإنه عرضة للتوتر والإجهاد النفسي والعصبي وتأثير ذلك على حياته الاجتماعية¡ وقد نبه خبراء الصحة العامة إلى خطورة عدم الأخذ بعين الاعتبار عند التحول الرقمي العوامل الصحية والنفسية والاجتماعية للموظفين الذين كانوا في السابق في احتكاك مباشر بالجمهور واليوم أصبحوا في مكاتب مغلقة أو ما نسميها المكاتب الخلفية كون العوامل النفسية والاجتماعية الناتجة عن ذلك التحول قد تجعل منهم معيقين للعمل ومقاومين لأي تغيير¡ بل قد نخلق حالة من العطالة الوظيفية الجديدة إذا لم ندر تلك الطاقات البشرية بحكمة وموضوعية.




http://www.alriyadh.com/1806171]إضغط هنا لقراءة المزيد...[/url]