علمونا في الجامعة قضية اسمها الانتحالº أن يُنسب شعر مزيف إلى شاعر أو يُنسب شعر شاعر إلى شاعر آخر. ترسخت هذه القضية الأخلاقية بعد دراسات التشكيك في بعض الشعر الجاهلي. من الأسماء اللامعة في تاريخ الانتحال خلف الأحمر وحماد الراوية وطه حسين والمستشرق ديفيد مارغليوث¡ الذي ادعى أن الشعر الجاهلي لا أصل له¡ وأن كل ما نقرأه في هذا السياق تم تأليفه في العصرين الأموي والعباسي.
بعد سنوات عرفنا انتحالاً آخر لم يوله العرب كبير اهتمام¡ يقال له بالإنجليزية (plagiarism) أن يسطو أحدهم على أفكار الآخرين أو بعض أعمالهم وينسبها لنفسه. هذه القضية لم يعالجها**الباحثون العرب بجدية¡ ولم تصل هذه الفعلة في الثقافة العربية إلى مرحلة التجريم. في الغرب تمثل هذه الفعلة واحدة من أخطر الجرائم على الإنسانية. في كندا مثلا يتعلم الطلاب معناها وطرق تفاديها وخطورتها في المرحلة الثانوية.
في الثقافة العربية ما زال الأمر مختلطًا. ثمة انتحالات كثيرة دخلت في الثقافة العربية وأصبحت مقبولة. بعض المؤلفات الفقهية تتسم بالتناقلº أي أن ينقل شيخ عن آخر. مرة ينسب الأمر إلى صاحبه¡ وأخرى يتجاهل هذه الإشارة دون أن يقع عليه لوم.
أعلنت مؤخرا شركة زيركس عن وفاة السيد لورنس تسلر مخترع آلية القص واللصق في الكمبيوتر.**على الرغم من الفضائل الكبيرة التي تركها لنا اختراعه¡ إلا أن مساوئه تكاد تعادل فضائله. هذا الاختراع العظيم الذي وفر على الباحثين والعاملين كثيرًا من الجهد والوقت تم تحويله إلى أنشط أداة في السوشال ميديا خاصة تويتر.
أصبحت مقالاتنا التي تنشر في الصحف كنزًا لرواد تويتر من عديمي الموهبة¡**قدرًا يغرف منه كل من يريد أن يقول كلمته في تويتر وغيره. لم يعد كثير من لصوص الأفكار يكلفون أنفسهم إجراء تعديل على الفكرة أو على صياغتها¡ فالسيد تسلر اخترع آلته للمستعجلين والبسطاء الذين لا يملكون القدرة على تحوير الفكرة أو تغيير شيء من كلماتها. ولا يملكون الإلحاح الأخلاقي لمحاججة الذات وإقناعها بأن عملاً تمت إضافته إلى السرقة ينسبه السارق لنفسه. بكل وضوح يعكس تدني احترام الذات. عقلك وتفكيرك هو منتج الأفكار. سطوك على أفكار الآخرين يعكس أن شخصيتك مزيفة. لا تملك القدرة على التفكير الخلاق ولا تطمح لذلك. صار الواحد منهم ينسخ ويلصق بكل جرأة. فكرة تم بناؤها عبر سنوات¡ وتمت صياغتها في ساعات¡ يمكن أن تصبح ملكك في أقل من ثانية. هذا شيء رائع¡ شيء مجاني¡ هذا هو الطريق السهل ليصبح الإنسان كائنًا مزيفًا.




http://www.alriyadh.com/1806414]إضغط هنا لقراءة المزيد...[/url]