كم من الأموال الطائلة يجمعها هؤلاء وهم يمارسون التسوّل وسط أبناء هذا المجتمع بسخائهم المعروف وعطائهم المشهور¿¡ وكم يخسر الوطن مادياً من جراء هذا «النزيف» المالي الذي يجمعه هؤلاء ليضخوه فيما بعد إلى دول أخرى دون مبرر أو وجه حق¿..
اقرؤوا في عيونهم.. فتشوا ما في جيوبهم.. تفحصوا لغاتهم..
إنهم فئة ليسوا من مجتمعنا.. متسولون بثياب سعودية هكذا¡ تماما كالنبت الشيطاني أو الورم السرطاني بدأ يستشري داء التسول وسط فئات غريبة من مجتمعنا ودخيلة عليه¡ وإن اكتست هذه الفئات بثيابنا وتحدثت بلهجاتنا وتشبهت بمظاهرها.
إنه داء بكل ما تحمله الكلمة من معاني الألم والحسرة¡ فالتسول مظهر من مظاهر الخلل الاقتصادي في المجتمعات¡ ومجتمعنا - ولله الحمد - قبلة للآخرين لما يتمتع به من رغد العيش واتساع الرزق¡ والتسول مظهر من مظاهر انعدام الحياء الذي هو شعبة من شعب الإيمان¡ ومجتمعنا - ولله الحمد - يعمره الإيمان ويكسوه الخلق الإسلامي الرفيع¡ والتسول مظهر من مظاهر انعدام التكافل الاجتماعي ومجتمعنا مجتمع الخير ومضرب للمثل في التكافل والمسارعة إلى مساعدة كل محتاج داخل المملكة وخارجها.
إذن التسول يمثل جسما غريبا عن كيان مجتمعنا وظاهرة يبرأ منها شعبنا¡ وسلوكا دخيلا على سلوكياتنا الراسخة والمعروفة فكيف - يا ترى - وصلت تلك الظاهرة إلى هذه الأرض التي حباها الله بكل الخيرات¡ إنها بعض الفئات من الوافدين جماعات تفتقد للحياء يملؤها الجشع للإثراء من أسهل الطرق لا يردعها وازع من دين أو خلق تتساوى عندها كل السبل ما دامت تؤدي للكسب الفاحش.
هي جماعات استغلت اخلاقيات شعبنا وأريحية مواطنينا وسخاء أبناء هذه الأرض فلبسوا الملابس السعودية واكتست نساؤهم بكساء نسائنا¡ وانطلقوا في الشوارع ومعهم أطفالهم¡ الرجال يقفون عن بعد يراقبون الأطفال وهم يمارسون التسول في أماكن التجمعات وإشارات المرور¡ وأماكن البيع والشراء¡ والنساء منهم يتصيدن المواطنات أحيانا والمواطنين أحيانا أخرى وهن يحملن أطفالهن في مرحلة الرضاع لإكمال "الديكور" الذي يرقق القلوب ويحجب الأبصار ويحفز الهمم للإنفاق بسخاء¡ دون التفات لمقدار الاستغلال البشع الذي يمارسه هؤلاء ضد بلادنا وشعبنا¡ وضد أخلاقياتنا وحقائق واقعنا.
كثيرة هي القصص التي أسمعها في بعض الدولº فكم من متسول مات واكتشف ورثته أنه كان يملك الملايين¡ جمعها من مهنة التسول واستغلال عطف الناس¡ فأثرت ليتركها فيما بعد لينعم بها الآخرون¡ إنها قصص نسمعها في دول أخرى لا تملك من المقومات الاقتصادية ما نملك¡ وليس فيها من الثروة والعيش الهنيء ما في بلادنا ولا تترسخ فيها مظاهر التكافل كقيم تشكل جزءا من نسيج المجتمع كما هو عندنا.
فبالله كم من الأموال الطائلة يجمعها هؤلاء وهم يمارسون التسول وسط أبناء هذا المجتمع بسخائهم المعروف وعطائهم المشهور¿ وبالله كم يخسر الوطن ماديا من جراء هذا "النزيف" المالي الذي يجمعه هؤلاء ليضخوه فيما بعد الى دول أخرى دون مبرر أو وجه حق¿ وبالله كم يخسر الوطن معنويا وكل القطاعات التي تسعى من أجل إبراز الصورة الحقيقية للمواطن وما يتمتع به من رعاية وعناية فائقتين¡ وما يتميز به من سعة للرزق وارتفاع مستوى المعيشة والبعد عن مذلة الحاجة والفاقة¿ وبالله كم يخسر الوطن أخلاقيا بدخول مثل هذه السلوكيات الشاذة والسافرة التي لا تقيم للأخلاق وزنا ولا للحياء مكانا¿.
إن ظاهرة التسول بسلوكياتها البشعة التي تمددت لاستغلال الأطفال والنساء من تلك الفئات الوافدة هي ظاهرة تستحق التوقف عندها والسعي لقطع دابرها واستئصال شأفتها.
وأول ما تتوجه إليه الأنظار في هذا الشأن المنافذ التي يأتي هؤلاء ليثروا ويشوهوا صورة مجتمعنا بحيث تشير بعض الحقائق أن البعض يستغل فتح المملكة أبوابها لكافة الزوار والعمار والحجاج فيأتون بحجة العمرة أو الزيارة أو الحج فيكون ذلك سبيلهم للتخلف وممارسة الكثير من المهن التي يأتي من ضمنها التسول.
لذلك فإن المزيد والمزيد من الدراسة والتمحيص أمر واجب تجاه ظاهرة التخلف والمتخلفين¡ حيث هناك حاجة ماسة لوضع ضوابط أكثر صرامة تجاه كل من يتخلف عن العودة في المواعيد المحددة حسب التأشيرة¡ كما أنه حان الوقت للنظر في تحديد ضمانات يتم فرضها على كل من يطلب تأشيرة الدخول إلى المملكة حتى يمكن التأكد من أن صاحب التأشيرة لن يستغلها بطريقة يمكن أن تضر بالمملكة أو تسيء إلى شعبها.
ولا شك أن على المواطن دورا لا يمكن تجاوزه وهو دور مزدوج يتمثل في أحد وجوهه بعدم تهيئة مناخات للتخلف للوافدين فكل سلوك يؤدي إلى تشجيع الوافد على التخلف يعتبر وسيلة لإجهاض الجهد العام لاحتواء هذه الظاهرة السلبية¡ فإتاحة فرصة التوظيف أو التستر على التخلف أو استغلال التأشيرات المتاحة بطريقة سلبية كلها سلوكيات يجب تحجيمها والعمل على القضاء عليها¡ كما أن على المواطن التحلي بالوعي الكافي تجاه المخاطر التي يسببها التخلف والافرازات الخطيرة التي تنتج عنه وهي إفرازات أمنية واقتصادية واجتماعية متعددة المخاطر ومتباينة الأنواع.
إن ظاهرة التسول بين بعض المتخلفين الذين يتسترون بثيابنا إفراز مضر ببلادنا ومسيء لشعبنا¡ وفي ظني أن الأوان قد آن للتكاتف على كافة المستويات درءاً لمخاطرها وقطعاً لدابرها.




http://www.alriyadh.com/1806417]إضغط هنا لقراءة المزيد...[/url]