المرحلة السياسية السعودية الحالية بوجهيها الدبلوماسي والإعلامي تنتج مسارًا أكثر كفاءة تحقيقًا لمتطلبات المرحلة¡ فالتحولات التي تحدث استجابة لمتطلبات مرحلية هي فقط من يبقى على قيد الحياة¡ وبهذه النظرة يمكن فهم السياسة السعودية الحالية..
في الربع الأخير من عام 2019م تم تعيين الأمير فيصل بن فرحان آل سعود وزيرًا للخارجية¡ وقبل هذا التاريخ بما يقارب عامًا كاملاً تم تعيين الأستاذ عادل الجبير وزيرًا للدولة للشؤون الخارجية¡ وخلال فترة وجيزة بعد تعيين وزير الخارجية الأمير فيصل آل فرحان¡ بدا أن هناك إنتاجًا سياسيًا ودبلوماسيًا متجددًا في المملكة¡ ويقف خلف هذا الانتقال في إعادة إنتاج السياسة السعودية إيمان متأصل بأن الدول الناجحة هي دول متحررة من التناقضات¡ وتعمل سياسيًا بشكل منسجم مع معطيات واقعها ومحيطها الإقليمي والدولي.
السؤال خلف هذا المقال يناقش تلك التحولات التي تمر بها المملكة في الفضاء الدبلوماسي واللغة السياسية التي تشهد تطورًا ملحوظًا انعكس مباشرة في تصريحات متكررة لكل من سمو وزير الخارجية ومعالي وزير الدولة للشؤون الخارجية¡ هذا التطور يحقق انسجامًا مع متغيرات السياسة الإقليمية والدولية¡ ويمثل وبكل قوة تلك المرحلة الانتقالية التي تعيشها السعودية اقتصاديًا واجتماعيًا وثقافيًا¡ ما يعني فهمًا دقيقًا لذاتنا ومصالحنا وفقًا للمرحلة التي نعيشها حكومة ومجتمعًا سعوديًا.
أما السؤال الثاني فيدور حول اللغة التي أحدثت ذلك التحول في النهج السياسي السعودي¡ خاصة أن المدرسة العقلانية في السياسة السعودية أصبحت تجدد طريقها في عمق الظاهرة السياسية كعملية سياسية ووسيلة مهنية لاتخاذ القرارات وإبراز المصالح¡ تعبيرًا عن مكانة السعودية وطموحها في سياق النظام الدولي وفقًا لمسار إقليمي ودولي تتحقق من خلاله مكانة طبيعية لدولة مثل السعودية لديها المكانة الدولية على جبهات متعددة اقتصادية وسياسية وثقافية واجتماعية وعقدية.
السياسة السعودية كما تظهر مؤخرًا في تصريح الوزيرين وبتوجيه من القيادة العليا السعودية¡ تبدو بوضوح أنها تعبر عن ميول غير غامضة في الاتجاه السياسي السعودي¡ وهذا انعكاس لفكرة التحول الذي تقوده رؤية الممكلة 2030¡ وهي مسار جاد لتنفيذ نقلة فعلية ونوعية للمجتمع السعودي¡ والمتابع الفعلي لتصريحات الوزيرين يدرك وجود سياسة فعالة تدرك فن السياسة وقادرة على تعدديل المفهومات وقلب النتائج¡ خاصة في مواجهة الأسئلة التي تتكرر في سياقات لم تتغير أساليبها منذ عشرات السنين¡ وهذا ما تمت ملاحظته في الظاهرة السياسية السعودية خلال الفترة الماضية.
إن معالجة الأهداف أصبحت تتميز بدقتها في المسار السياسي¡ وأصبحت مواجهة الأسئلة حول السعودية أو إنجازاتها تضع الخط الفاصل بين محاولات الأسئلة المثيرة والإجابات المنطقية حول الواقع الفعلي للحالة السياسية¡ وهذا ما سيرسخ الانطباع عن أن إنتاج السياسة السعودية في المسار الأكثر كفاءة لا يشكل إلا جزءًا من التاريخ السياسي السعودي¡ الذي يتحول في هذه المرحلة إلى مؤثر في السلوك السياسي الدولي والإقليمي¡ ويقودنا هذا التصور إلى استنتاج أن الحضور الدائم للسياسة السعودية إقليميًا ودوليًا لا بد أن يلعب دورًا في التغيير الإيجابي¡ وهذا لن يتم إلا من خلال مسار متجدد يعكس المرحلة ويرفض الأفكار والأحكام المسبقةº لأن قوة التجانس مع متغيرات المنطقة والعالم سياسيًا أسهمت في أن يكون للسياسة السعودية وجه متجدد.
الرسالة الواضحة للسياسة السعودية - كما تبدو في هذه المرحلة - تتمثل في ضرورة إيمان العالم من حولنا - سواء العالم القريب أو البعيد - بأن حقيقة تحصل في هذا المجتمع وتعكسها تلك التحولات الهائلة التي تقودها رؤية الممكلة 2030¡ ولن يكون من مهمات السياسة السعودية اليوم أن تتحمل أن ما يحدث لم يكن الآخرون متجهزين لحصوله¡ ولا هي مسؤولة عما يقال تجاه هذا التغير.
المشاهد الإعلامية للسياسة السعودية تشرح وبقوة ضرورة تغيير الأنماط المتبعة في التعامل معها من قبل الإعلاميين في المؤسسات الإعلامية الدولية والإقليمية¡ وهذا لم يكن طلبًا لتلك الوسائل¡ ولكن مشاهد الإجابة عن أسئلة الإعلام التي ظهر من خلالها وزراء السعودية تؤكد الانتقال إلى مرحلة مختلفة تعكس معايير التحديث المؤدية إلى استخدام لغة سياسية ذات إطار يتجاوز التقليديةº لأن هناك متطلبات تحيط بالمشهد السياسي السعودي وتتطلب منه مواكبتها.
المرحلة السياسية السعودية الحالية بوجهيها الدبلوماسي والإعلامي تنتج مسارًا أكثر كفاءة تحقيقًا لمتطلبات المرحلة¡ فالتحولات التي تحدث استجابة لمتطلبات مرحلية هي فقط من يبقى على قيد الحياة¡ وبهذه النظرة يمكن فهم السياسة السعودية الحالية التي أثبتت أنها تنتقل بثبات لمواجهة فعلية لكل المعوقات المحتملة لإيقافها عن مرحلة بعينها ويصف تحولاتها الناجحة بأنها تجاوز لتقاليدها¡ وهذا واقع خاطئº لأن التقاليد الصامدة هي التي تتميز بالمرونة والقدرة على الاستجابة السريعة للمتغيرات من حولها.




http://www.alriyadh.com/1806420]إضغط هنا لقراءة المزيد...[/url]