عانت كثير من الدول العربيّة طوال العقد الماضي حالات حرجة من عدم الاستقرار السياسي والأمني¡ الأمر الذي عطّل حركة التنمية¡ ودفع شريحة من الشباب العربي اليائس إلى منافي الهجرة ومستنقعات التطرف والمخدرات. وأتت هذه المصائب وكأنها تكمل بذلك سلسلة النكبات التي عاشها المجتمع العربي منذ بداية الحرب الغربيّة الأولى.
ولو عدنا إلى البدايات نجد أنه ما إن تخلصت كثير من الدول العربيّة من أشكال الاستعمار والوصاية والانتداب بعد الحرب الغربيّة الثانية حتى تم تكريس احتلال فلسطين وتثبيته شوكة في خاصرة الخارطة العربيّة الجديدة. وكانت النخبة العسكريّة والسياسيّة العربيّة ركنًا أساسًا في مأساة الشعوب العربيّة. وهكذا ظهرت موجة الانقلابات ومحاولات الانقلاب على مدى ما يقرب من 60 عامًا لتتجاوز الـ120 حالة¡ نجح منها نحو 40 عمليّة¡ وأدت بقيّة المحاولات الفاشلة إلى مزيد من التدهور السياسي والاحتراب المجتمعي في تلك الدول. ويكفي أن نعلم أن سورية وحدها واجهت ما يزيد على 30 حالة انقلاب أو ما يشبه الانقلاب¡ نجح الانقلابيون في تسع منها¡ وكان نصيب السودان قرابة 16 حادثة انقلاب¡ نجح منها ثلاث حالات¡ بينما كان نصيب العراق وموريتانيا واليمن نحو ست حالات انقلاب لكل من هذه الدول.
وبعد الاستقرار النسبي لمعظم دول الانقلابات أتت الحروب والصراعات الإقليميّة في لبنان والصومال¡ ثم امتدادات حرب أفغانستان والحرب العراقيّة - الإيرانيّة¡ ثم كانت كارثة غزو صدام حسين للكويت مطلع التسعينيات لتقسم الصف العربي¡ وتكشف عن الوجوه والمواقف. وليت الأمر توقف عند هذا¡ فقد استعرت موجات التطرف والإرهاب لتنتهي بكارثة 11 سبتمبر 2001¡ التي أدت إلى تحطيم آخر إرادة عربيّة نحو التنمية والاستقرار¡ وكان الثمن احتلال العراق 2003¡ ومزيدًا من التكريس للاحتلال في فلسطين. ثم كان الأمر بالعقاب الجماعي للشعوب العربيّة عبر تقنيات «الفوضى الخلاقة» ومشروعات مقاوليها من بني جلدتنا¡ الذين ساعدوا الخصوم والأعداء¡ فزرعوا الفتنة في كل بيت عربي تقريبًا.
ومقارنة بما حدث في كثير من الدول العربيّة¡ فقد نعمت دول الخليج بحظ وافر من الاستقرار والسكينة المجتمعيّة وحالة لا بأس بها من الأمن العام خلال سنوات عاصفة ما سمّي الربيع العربي التي لم تسكن بعد. وكان أن ترافقت مع حالة الاستقرار السياسي هذه موجة ازدهار اقتصادي وتنموي واضحة جراء ارتفاع أسعار النفط¡ ما انعكس على مشروعات التطوير والتحديث في دول مجلس التعاون بشكل عام. ولكن المتربصون قرروا أن دول مجلس التعاون لا بد أن تأخذ نصيبها من تأثيرات القلاقل في المنطقة العربيّة بشكل مباشر وغير مباشر.
وهكذا ظهر صغار المقاولين في مشروع فوضى فرعي لمشاغلة دول الخليج الآمنة المطمئنةº فتم تكليف أشقياء «الدوحة» ومن معهم من المرتزقة بتمويل المؤامرات والتحريض على الشغب والفوضى ومناكفة الكبار. وكان لا بد من التركيز على «السعوديّة ومصر» بوصفهما أهم وأكبر دولتين عربيتين تستطيعان أن تقولا «لا»¡ وهما أيضًا بوصلة استقرار النظام العربي في منطقة اللهب والنار. وكان مقتضى التكليف إبقاء حالة الفوضى العربيّة مستمرة حتى يصدر أمر إنهاء التكليف.
قال ومضى:
حتى يُعرف الشرفاء لا بد من وجود الخونة.




http://www.alriyadh.com/1806425]إضغط هنا لقراءة المزيد...[/url]