من المعروف أن مدننا تزخر بفضل الله بالكثير من المساجد وبخاصة المساجد الكبيرة التي تقام فيها صلوات الجمع (الجوامع)¡ وهذه المساجد بنيت أساساً لأداء صلوات الجمعة واستيعاب أعداد غفيرة من المصلين. ونظرًا لما تمثله المساجد من طبيعة دينية متميزة وخصوصية روحانية فريدة فيبادر بتشييدها وبنائها محسنون وفاعلو خير¡ ولذلك لا يألون جهدًا ولا يدخرون وسعًا في سبيل إمدادها وتجهيزها بكافة الوسائل والإمكانات التي من شأنها أن تيسر للمصلين أداء صلواتهم والبقاء في رحابها أطول فترة ممكنة بكل أمان ويسر وراحة وطمأنينة وخشوع¡ ولذا تقوم وزارة الشؤون الإسلامية وهي المسؤولة عن هذه المساجد بعد إنجازها واستكمالها بالإشراف عليها والاهتمام بها ورعايتها ودفع تكاليف تشغيلها وصيانتها وبخاصة فواتير الكهرباء.
ومن منطلق هذه المسؤولية فإن الوزارة عاكفة على إعداد دليل شامل لبناء المساجد (مستمد من كود البناء السعودي) ينظم كيفية تشييد المساجد من حيث مراعاة اعتبارات السلامة ونوعية البناء واختيار أفضل أنواع المواد وأكثرها موثوقية وجودة وبقاء¡ ويحتوي هذا الدليل على متطلبات عديدة تتعلق ببناء المساجد من ضمنها ما نحن بصدده وهي المتطلبات الكهربائية والمتعلقة بكيفية تصميم وتنفيذ التمديدات والتركيبات الكهربائية وجعلها أكثر أمنًا وسلامةً للمصلين ولمن يرتاد المساجد في غير أوقات الصلوات لسماع محاضرات في النصح والوعظ والإرشاد وحضور حلقات الذكر وتحفيظ القرآن.
ومن المعروف أن الصلوات تقام في المساجد في أوقات متزامنة مما يعني أن المكيفات وهي الأكثر استهلاكًا للكهرباء تعمل بكامل وحداتها العددية وبأقصى قدراتها المقننة في جميع المساجد في آنٍ واحد مما يشكل استهلاكا كبيرًا في الطاقة الكهربائية. ومن هذه الطرق والأساليب تم تقسيم مساجد الجمع إلى مساحات معزولة بفواصل محددة لتأدية الصلوات فيها في الأيام العادية (أي عدا أيام الجمع) نظرًا لمحدودية عدد المصلين مقارنة بأيام الجمع¡ أيضا استبدال الثريات والمصابيح المتوهجة بالمصابيح الموفرة للطاقة¡ مع العمل على تركيب تقنيات حديثة للبرمجة الذكية ووسائل للتحكم التلقائي لتنظيم التشغيل والإطفاء للإنارة ولمعدات التكييف والأجهزة الصوتية¡ كذلك استخدام العزل الحراري للجدران والأسطح والذي من شأنه أن يسهم في تخفيض الاستهلاك ومنع تسرب البرودة أو الحرارة صيفًا وشتاءً¡ كذلك استخدام الزجاج العاكس الذي يحد من وهج أشعة الشمس ويسمح بجزءٍ منها لإشاعة الضوء الطبيعي في المسجد إلى جانب التخفيف من الاعتماد على الإنارة الاصطناعية.
كما أنه جرت الاستفادة من الطاقة الشمسية في بعض المساجد وتم استغلالها في الإنارة وفي تسخين المياه¡ لذا يؤمل أن تؤدي هذه المتطلبات الكهربائية -إلى جانب المتطلبات الأخرى- ما يجعل مساجدنا أكثر أمنًا وسلامة وراحة كما تساعد بمشيئة الله في المساهمة نحو ترشيد استهلاك الطاقة الكهربائية والحفاظ عليها وعلى وقودها كثروة وطنية ثمينة من جهة وتخفيف الأعباء المالية والتشغيلية الباهظة عن كاهل وزارة الشؤون الإسلامية من جهة أخرى.
أستاذ الهندسة الكهربائية - جامعة الملك سعود




http://www.alriyadh.com/1806439]إضغط هنا لقراءة المزيد...[/url]