شاهدتُ مؤخراً الفيلم السينمائي السعودي «نجد» على تلفزيون جوي¡ وكنت متردداً في المشاهدة لعدة أسباب¡ من أهمها أن الحبكة في القصة تدور حول الربط ما بين الحاضر وسنوات ماضية وتحديداً العام 1950¡ نحن تطورنا كثيراً¡ وهذا التطور لا يقتصر على المعمار أو الجوانب الأخرى من الحياة المادية¡ وإنما هناك تطور اجتماعي مذهل ومختلف¡ وإن كان تذبذباً لمدة تجاوزت الربع قرن بمرحلة ما يعرف بالصحوة وانعكاساتها على بلادنا اجتماعياً واقتصادياً ونفسياً أيضاً.
فيلم نجد اعتبره أكثر من رائع¡ تفاصيل عديدة ركز عليها بتشويق درامي مذهل¡ الحياة الاجتماعية والاقتصادية كانت حاضرة بصورة مشوقة وجلية من خلال تسلسل متقن¡ وبقيمة تراثية للعمل ركزت على تفاصيل دقيقة للحياة تحديداً بالعاصمة الرياض¡ الرومانسية كانت حاضرة بصورة تعكس نسق الحياة الطبيعية بالمجتمع السعودي¡ الديكورات فيها احترافية كبيرة وعبق الماضي حاضر بها¡ والأجمل البداية القوية للفيلم وربطه بالحاضر بصورة عكست التسلسل الزمني للإنسان السعودي بأسلوب التطور المتكامل وليس الاقتصادي أو الاجتماعي فقط.
نستطيع أن نفخر بهذا العمل الذي استند على قصة رومانسية ربطت ما بين الماضي والمستقبل وليس الحاضر فقط¡ إطلالة سمو ولي العهد عند بداية الفيلم والاستشراف للمستقبل والربط بالماضي العريق لهذا المجتمع¡ جاءت متناسقة وبسيناريو أعطى الكثير من التفاصيل بأسلوب السرد المشوق ولم نجد مع تسارع الأحداث وتنوع المشاهد أي ارتباك داخل العمل¡ أو على الممثلين فيه¡ والذين أجادوا أدوارهم بصورة ملفتة وبدون تكلف¡ وكان الاختيار لهم ملفتاً واحترافياً عكس ما اعتدنا عليه¡ بالاعتماد على اسم أو اسمين يعتمد عليهم العمل وتتركز عليهم أدوار البطولة كما اعتدنا للأسف في أعمالنا الدرامية..
الحياة في نجد وتصويرها بالصورة التي انتهجها فيلم «نجد» نحتاج لها في الكثير من الأفلام¡ وبالأسلوب الروائي الذي يعتمد على أحداث متنوعة عاشها المجتمع السعودي خصوصاً قبل الطفرة النفطية فترة السبعينيات الميلادية¡ كان الفيلم يسرد بصورة ذكية ولماحة لمرحلة التعليم وأرامكو وتكوين المجتمع النجدي المترابط بتفاصيل حياته البسيطة¡ وأيضاً الجانب الآخر من حياة بطل الفيلم الممثل الشاب ماجد مطرب وقصته الرومانسية مع الفتاة التي أحبها نجد¡ والتي كانت حاضرة بشخصية الممثلة القديرة حياة الفهد التي لم يكن دورها اعتيادياً كراوٍ لأحداث قصة نجد أو المجتمع السعودي من العام 1950 إلى اللقطة الشهيرة بمقارنة الأمير محمد بن سلمان ما بين جهاز جوال تقليدي وآخر بالغ التطور¡ وهو ما نطلق عليه حالياً السعودية الجديدة.
الفيلم بالفعل يستحق الحديث عنه بالكثير¡ ويستحق أن يترجم إلى لغات متعددة¡ وأن يكون نموذجاً لبداية عصر للفيلم السينمائي السعودي في ظل الانفتاح السينمائي الذي تشهده بلادنا في هذه الفترة¡ لا بد أن يأخذ حقه من الحضور وأن لا تكون بعض الجوائز التي حصل عليها الفيلم نهاية طموحه.




http://www.alriyadh.com/1806492]إضغط هنا لقراءة المزيد...[/url]