بالنسبة لجيلي¡ ربما كانت عاصفة الصحراء وحرب تحرير الكويت من أبرز الأحداث التي ألقت بظلالها علينا خاصة عندما كنا نغلق النوافذ بالغطاءات والأكياس البلاستيكية تحسباً للأسلحة الكيميائية. وتأثر الكثيرون بحب القطاع العسكري والهندسي وشراء ألعاب الجنود والطائرات العسكرية والدبابات وقتها. اليوم وبعد ثلاثين عاماً أكاد أجزم أن أزمة كورونا سيكون لها تأثير كبير في صيغة مستقبل التعليم والمفاهيم لدى الأطفال والطلاب هذه الأيام. ولكن كيف سيكون ذلك¿
نبدأ من الأنظمة التعليمية في المدارس والجامعات¡ ستكون المؤسسات التعليمية أكثر حرصاً واستعداداً لتقديم الدروس عن بعد¡ وستتغير النظرة إلى هذه البرامج. فعلى سبيل المثال كانت هنالك دول عربية ترفض الاعتراف أو التوصية بالبرامج الأكاديمية التي تتضمن محاضرات عن بعد حتى لو كانت من جامعات مرموقة بحجة أن هذه البرامج مشكوك في جودتها. أما مستقبلاً¡ فستكون قدرة الجامعات والمدارس على تقديم برامجها عن بعد من عوامل قوتها وتميزها.
من ناحية أخرى¡ أثبتت أزمة كورونا الحالية أن نظام تأهيل المعلمين والمعلمات سيحتاج إلى إعادة نظر مع ضرورة تدريب الطاقم الأكاديمي على أنظمة التعليم والمتابعة من بعد. أضف إلى ذلك¡ أتوقع أن تخصص الجامعات والمدارس أياماً في العام الدراسي لتطبيق أنظمة التعليم عن بعد تماماً كما يتم تدريب الطلاب على الإخلاء وقت الحرائق لا قدر الله بشكل احترازي.
بالنسبة للمناهج التعليمية¡ ستتضمن المزيد من المعلومات والإرشادات التوعوية والسلوكية الخاصة بالتعامل مع الأزمات والمسؤولية الفردية والمجتمعية لتجهيز أجيال واعية حول العالم¡ كما أن المناهج ستتناول بشكل أكبر النظافة والتعقيم والبيئة والحماية من الفيروسات والميكروبات.
ماذا عن طلاب اليوم¿ كيف سيكون تأثير أزمة كورونا والانقطاع عن المدارس والتعلم من البيوت عليهم¿ من أهم الآثار الإيجابية ستكون تكيف الجيل القادم مع ثقافة العمل عن بعد¡ سيكون الجيل القادم أكثر إيماناً وتشبثاً بأنظمة العمل المرن التي لا تتطلب القدوم إلى المكاتب¡ وستخلق هذه الثقافة فرص عمل وتوظيف عابرة للقارات أكثر من أيامنا هذه.
قراءتي أيضاً هي ظهور مدارس وجامعات متخصصة فقط للتعليم عن بعد للطلاب الذين يعانون مشكلات اجتماعية في التواصل أو الذين يشكون من التنمر¡ ومع ازدياد ظهور هذه المدارس وازدياد أعداد الخريجين ستكون هنالك أجيال لا تستطيع العيش والعمل إلا عن بعد¡ وستكون مهارات التواصل والقدرة على العمل كفرق عمل من أهم المهارات التي يتم تدريب الأجيال القادمة عليها. ولتبسيط المسألة يمكن أن تقارن أطفال هذه الأيام وجلستهم الطويلة أمام أجهزة الآيباد والجوال لوحدهم مقارنة بثلاثين أو أربعين سنة مضت مع أجيال كانت تلعب الكيرم والغميمة وغيرهما من الألعاب الشعبية الجماعية.
وأخيراً¡ أتوقع أن مناهج التاريخ ستتغير مستقبلاً في تعريف دول العالم المتقدم والدول النامية من حيث تحمل قياداتها وشعوبها المسؤولية والقدرة على التعامل مع أزمة كورونا..




http://www.alriyadh.com/1812605]إضغط هنا لقراءة المزيد...[/url]