بعد أشهر قليلة تحتفل الأديبة الإيرلندية المعمّرة إدنا أوبراين بعيد ميلادها التسعين¡ وهي لا تزال في قمة مجدها الأدبي¡ الشاعرة والروائية وكاتبة السير بدأت نهر إبداعها من صيدلية صغيرة في عاصمة جهمورية إيرلندا.
نشأت أوبراين في كنف أسرة متدينة متشددة¡ وتعلّمت على يد راهبات متزمتات على مدى أربع سنوات بعيدة عن منزلها¡ ما أسهم في تكوين طفولتها "الخانقة" على حد تعبيرها¡ أحبت الأدب لكنها لم تستطع دراسته أو ممارسته بسبب قيود الأسرة والمجتمع على الفتيات¡ هاجرت من قريتها الوادعة إلى العاصمة دبلن هربًا من والدتها المتحكمة ووالدها السكّير¡ هناك وتحت ضغط رغبة أسرتها عملت في صيدلية صغيرة¡ ما جعلها تنتظم في دراسة مهنة الصيدلة في الفترة المسائية¡ حتى حصلت على شهادة الصيدلة عام 1950م.
خلال عملها في الصيدلية التقت الكاتب الإيرلندي ذا الأصل التشيكي أرنست جيبلر¡ ورغم معارضة أسرتها إلا أنها تزوجت منه¡ وكانت ساعات العمل بين تراكيب الأدوية فرصة للاطلاع والاحتكاك بمختلف نساء الجزيرة الإيرلندية¡ ما مكنها من إدراك المشاعر الداخلية للفتيات اللاتي عانين مثلها¡ والصعوبات التي سببها لهن الرجال¡ واستطاعت – أيضًا - قراءة كتابات مواطنها جميس جويس¡ الذي أبهرها بعوالم الأدب الحديث وسحر الكلمة¡ لكنها لم تتجرأ على كتابة حرف واحد!
بعد سنوات انتقلت مع زوجها إلى لندن¡ لتعمل قارئة نصوص في دار "هتشنسون" للنشر¡ ثم كُلفت بكتابة رواية بمقابل 50 جنيهًا استرلينيًا¡ لتكتبها خلال ثلاثة أسابيع فقط! ولتظهر روايتها الأولى "بنات الريف" عام 1960م¡ وتحدث دويًا هائلًا بالذات في مسقط رأسها¡ ولتمسي هذه البداية الجزء الأول من ثلاثيتها الروائية التي عرفت لاحقًا بالاسم نفسه¡ ولاقت امتعاض الكنسية الكاثوليكية¡ ووصل الأمر إلى إحراق كتبها في بعض الكنائس في إيرلندا ومنعها من التداول¡ بذريعة تناولها الجريء للعلاقات الاجتاعية والحياة الزوجية.
لكن أوبراين مضت في مجدها رغم كل آلامها¡ وحصدت عديدًا من الجوائز الأدبية¡ وأبدعت في مجالات أدبية أخرى كالمسرح والشعر والكتابة الدرامية وكتب الأطفال¡ ولم تنس موطنها الذي تحب عبر كتابها "إيرلندا الأم"¡ الذي أبرزت فيه العادات والتقاليد عبر عيني فتاة صغيرة ترصد زوايا المجتمع المنغلق. وفي "منزل العزلة الرائع" تضغط بإصبعها فوق الجرح الإيرلندي النازف نتيجة حرب أهلية¡ أدت إلى تقسيم الوطن إلى وطنين اثنين!þ
قبل أشهر وقبيل بلوغها عقدها العاشر أصدرت أوبراين روايتها الثامنة عشرة: "فتاة"¡ عن تلك الفتاة التي يختطفها إرهابيو "بوكو حرام" لتغتصب ثم تهرب منهم¡ لكنها تستغل سياسيًا كرمزٍ لنجاح القضاء على الإرهاب. الكاتبة المعمرة اعتمدت في روايتها الخيالية على رحلات بحثية متكررة إلى نيجيريا¡ ومقابلات على أرض الواقع ومع تلميذات المدرسة اللاتي تعرضن للاختطاف.
لا تزال أديبة الصيادلة فعالة في مجتمعها وفي الدفاع عن قضايا المرأة¡ كما أنها تعد بالمزيد ما دامت في العمر بقية.




http://www.alriyadh.com/1823727]إضغط هنا لقراءة المزيد...[/url]