844 مليون شخص حول العالم يحتاجون إلى خدمة مياه الشرب الأساسية¡ ووفق إحصائية نشرت العام 2018 فإن 159 مليون شخص يعتمدون على المياه السطحيةº وما لا يقل عن ملياري شخص يستخدمون مياه الشرب الملوثة بالصرف الصحي. ومع زيادة عدد سكان الكرة الأرضية مع مرور الزمن تزداد التحديات والعقبات التي يواجهها البشر في سبيل الحصول على مورد من موارد العيش والحياة "الماء".
والمملكة - بكل تأكيد - جزء من هذا العالم المهموم بالأمن المائي¡ وشكل هذا التحدي الاستراتيجي هاجساً دائماً للقائمين على قطاع المياه بالمملكة¡ وأجريت الكثير من الدراسات ونتج عن بعضها إيقاف وتقليل زراعة بعض المحاصيل الزراعية ذات الاستهلاك العالي للمياه وهذا قبل ظهور تقنيات الري الحديثة التي تسهم في تخفيض الاستهلاك.
وفي الوقت نفسه أدركت المملكة أهمية الأمن المائي في وقت مبكر وعملت على العديد من الحلول ومن أبرزها مشروعات تحلية المياه التي توفر بحسب بعض التقارير نحو 50 % من مياه الشرب¡ فيما يتوفر نحو 40 % من استخراج المياه الجوفية غير المتجددة وهناك 10 % من المياه السطحية¡ هذا إذا ما علمنا أن استخدام المياه شهد ارتفاعاً كبيراً فقد بلغ متوسط الاستهلاك اليومي للمياه في المدن نحو 9.5 ملايين متر مكعب مع الازدياد الكبير لعدد السكان الذي تشهده المملكة سنوياً. ووفق تقارير وزارة المياه** فقد ارتفـع إجـمالي احتياجـات المملكـة مـن الميـاه خلال السنوات الماضية بمتوسط 7-9 % مما يجعلنا أمام محك أصعب متعلق بالأمن المائي.
وانطلاقاً من تطلع الرؤية الطموحة 2030 فإني أؤكد على ضرورة المضي قُدُماً في معالجة مياه الصرف الصحي كحلٍ جذري واستراتيجي¡ في الوقت الذي تهدف المملكة إلى تحقيق استخدام مياه الصرف الصحي المعالجة بنسبة 100 % بحلول العام 2025 باعتبارها أحد الموارد المهمة التي يمكن أن يستفاد منها بأغراض متعددة لا سيما إذا ما علمنا أنه يوجـد في المملكة نحـو 70 محطـة لمعالجـة ميـاه الـصرف الصحـي¡ وهي غير كافية حسب ما ذكرته استراتيجية المياه¡ مما يستوجب زيادتها ورفع كفاءتها التشغيلية¡ خصوصا مع تطور تقنيات المعالجة لتنتج مياه معالجة آمنـة لاسـتعمالها في أغـراض مختلفـة¡ منهـا العمليـات الصناعيـة¡ والتبريـد¡ والزراعـة¡ بالإضافة إلى مشروعات التشجير وزيادة الرقعة الخضراء في المدن ومنها الرياض مستفيدا من المياه المعالجة¡ ونتمنى أن يتوسع ويعم مناطق المملكة.
وهنا أشدد على ضرورة الإفادة من تجارب الدول الأخرى الناجحة في معالجة المياه الملوثة وهذا يجعلنا أكثر تفاؤلاً بنجاح هذا المشروع خاصة في المناطق الحضرية مع اختلاف الظروف والمعطيات لكل دولة¡ فهذه الصين - مثلاً - كانت تعتمد في مصادرها المائية على الأنهار حتى 2017¡ حيث يعيش نحو 60 % من السكان في المدن¡ غير أن الحكومة أدركت أنها أمام تحدٍ خطير¡ فعمدت إلى تنفيذ استراتيجية تساعد في ارتفاع حجم المياه المعالجة في المناطق الحضرية¡ واستطاعت تحقيق 800 مليون طن يومياً بالتركيز على تطبيق قانون حماية البيئة والبدء في معالجة مياه الصرف الصحي مع استخدام التقنيات الحديثة.
ومن الجدير ذكره والإشادة به مشروع الرياض الخضراء الذي دشنه خادم الحرمين الشريفين في شهر فبراير العام 2019 والذي يهدف لتشجير الرياض وتوسيع المسطحات الخضراء ويعتمد المشروع في الري على معالجة مياه الصرف الصحي المهدرة وهذا نموذج وطني حي نرجو نجاحه وتعميمه على باقي مناطق المملكة. كما لا يفوتني الإشادة بمشروع تشجير وادي حنيفة الذي أطلقته الهيئة الملكية لتطوير مدينة الرياض والذي يعد من أنجع المشروعات من ناحية الابتكار والاستفادة من مياه الصرف الصحي التي تتدفق للوادي بعد معالجتها بطريقة فريدة وحديثة والذي جعل من الوادي مزاراً ومتنفساً لسكان الرياض.
لقد حان الوقت إلى تنويع مصادرنا المائية وتقليل الاعتماد على المياه الجوفية الذي بلغ نحو 85 % من الاستهلاك العام في المملكة مع تثمين ما أنجزته الدولة من مئات المشروعات المتعلقة بالمياه خلال العام الماضي بقيمة تجاوزت 4 مليارات ريال¡ وهو تأكيد ضمني أننا في الطريق الصحيح الذي يحقق أمناً مائياً وتنويعاً في المصادر وتكاملاً يضمن تحسين الخدمة وتحقيق الاستدامة المائية والاقتصادية في آن واحد.




http://www.alriyadh.com/1829354]إضغط هنا لقراءة المزيد...[/url]