قلتُ ذات زمان إن «الخروج إلى الشارع دخول في المدينة»¡ لم أكن حينها أعلم أن زمانًا سيأتي يكون فيه الخروج إلى الشارع محفوفًا بالمحاذير والتوصيات¡ وهواجس الأنفاس من حولنا¡ هكذا تمامًا نخرج اليوم إلى شوارعنا محملين بمسؤولياتنا تجاه الحياة فينا¡ زاهدين فيما اعتدنا عليه من قبلات مجانية لأصدقاء الأمس¡ متباعدين حذرًا¡ ومتعاونين بعدًا¡ ناقمين على هذه الكورونا التي حاصرت كوكب الأرض¡ ودفعته إلى الانكفاء على ظلالها الموبوءة بجائحة تعم العالم¡ ثم لا تفرّق فيه بين جنس وجنس ولا عرق وعرق¡ نتجاذب أخبارها.. نتفاءل حينًا وننكسر أحيانًا¡ وفي كل نخرج إلينا ولا نخرج إلى شوارعنا...
هكذا يبدو الأمر اليوم.. لا نخرج إلا رغبة بالحياة في حقيقة الأمر¡ لكن علينا أن نخرج في الحياة إلينا.. ثم ندخل علينا لنكون لنا المدينة الآمنة¡ ومن أجل كل هذه التعقيدات في الخروج والدخول¡ واصل كثيرون عزلتهم ما استطاعوا¡ فلم يخرجوا إلا إليهم¡ ولم يدخلوا إلا عليهم¡ وجاهدوا ما أمكنهم للخروج إلى الشارع بعزلتهم¡ ثم مع كل هذا الاختناق الذي تحياه الأرض.. ما زال كثيرون وأنا منهم ننظر للغد بتفاؤل كبير¡ ونقول لعلّ هذه الجائحة إنما تعبرنا اليوم لنعيد قراءة ما نحن عليه¡ ثم نتجاوزها لحياة جديدة ملؤها الصحة والمسؤولية¡ والحفاظ على نعمة الوطن الذي كان لنا الملاذ الآمن في هذا الكرب الذي تمرُّ به الأرض...
فاصــــلة :
أباعدُ ظلي..
تميل به الشمس نحو الغروبِ
فأوشك فيه الهلاك
أباعد نفسي.. فتسألني:
أيّ شيءٍ تبقّى لدينا.. وما من سواك
أباعد قلبي..
فأسأل عنك العناق الذي.. كان عادتَنا السائدة!
أنا الآنَ في عزلتي
وما من سبيلٍ بغير عناقٍ
أكونُ به ما أنا دفعةً واحدة!
يا مساء الحياة.. التي مارست خوفها واستتابتْ
أما زلتَ منّي ¿
يا غناء الرعاةِ الذين مضوا بالأغاني وراء تلال الطفولةِ
قم ولنغنّ..!
فاصـــلة:
لا شيء أخفيه.. ياسادتي
لستُ إلا الغريبَ الذي يحفظ الصبرَ عنوانُه
وتفتّشُ عنه المدينةُ في غيبةِ النبلاء الكثيرينَ فيها
فتلقاه ضحكتها المستحيلة..
زور الشوارعِ
أسماءَ من غادروا دورهم واستقاموا على الدرب
لكنَّ سقياهم الذاريات عشاءً..
ومأواهم الصيفُ بئس المصير
لاشيءَ لاشيء..كان بصندوق أيامه
ساعةً للجريدةِ
طاولةً للكلامِ
وصومعةً للقصيدةِ
أحجيةً للسريرْ..!
فوق مرآته امرأةٌ من ضباب الزجاجِ
وبين ذراعيه سيدةٌ من حصادِ الصلاةِ
وفي قلبهِ وردةٌ قلّمتْ شوكها
وانثنتْ كالملاكِ الصغيرْ..!




http://www.alriyadh.com/1829826]إضغط هنا لقراءة المزيد...[/url]