مرحلة البناء ومسيرة التطوير اللتين يعشيهما هذه الوطن المبارك لهيكلة مفاصل الدولة وقطاعاتها عبر رؤية وطنية المرتكزات ومتنوعة المسارات ومتعددة التطلعات واعدة الأهداف¡ مستمرة وتسير وفق ما هو مخطط لهاº ومن ذلك ما بدأته المؤسسة القضائية من مبادرات وبرامج نوعية يُلمس أثرها يوماً بعد يوم في الارتقاء النوعي بخدمات البيئة العدلية وما تستلزمه من وجود بيئة تتجاوب بسرعة ومرونة مع المتغيرات¡ أعطيت الأولوية في هذا المشروع الشامل لإصلاح منظومة التشريعات القضائية لتتناسب مع ما يشهده الاقتصاد الوطني من قفزات نوعية وتعزيز عوامل الثقة في بيئته الاستثمارية¡ وما تستلزمه من مقومات تُعين على تلمُّس الحقيقة¡ وبلوغها بسوائل عصرية¡ وتُمكِّن من تحقيق العدالة الناجزة¡ مرتكزة على سماحة شريعتنا الإسلامية الغرَّاء¡ وعالمية مبادئها¡ ومسترشدة بالقواعد العامة في الأنظمة المقارنة والممارسات الناجحة في التجارب الدولية¡ ومتوائمة مع قيم المتغيرات الحضارية¡ ومستفيدة من مبادرات "عولمة القوانين" وتجاربها في الدولة المتقدمة.
ففي خضم الانشغال بالتعامل مع جائحة كورونا وتداعياتها¡ صدر "نظام المحاكم التجارية" وتبعه في الأيام القريبة الماضية الموافقة على لائحته التنفيذية¡ فالنظام يعد تجربة متميزة عما سبقه من الأنظمة من حيث الصياغة والشمولية والتوافق ومواكبة أفضل الممارسات الدولية التي تستلزمها القضايا التجارية من تقليص لأمد التقاضي واختصار لإجراءات إدارة الدعوى منذ رفعها وحتى صدور حكم نهائي فيهاº حيث سيكون للنظام دور إطاري مهم سينعكس على جودة مخرجات الأحكام وكفاءة إدارة الدعوى وتنظيم سير إجراءاتها القضائية وسرعة الفصل فيها نتيجة أخذ النظام بمبادئ التحول الرقمي ودعم الاعتماد على أساسياته.
نظام المحاكم التجارية خرج حقيقة عن عباءة المسار التشريعي الرتيب الذي عهدناه عند سن كثير من قوانيننا وجاء بأحكام تتناسب مع ما يشهده الوطن من مرحلة تحول عبر رؤيته الطموحة ويعطي صورة مشرفة عن بيئتنا التشريعية والقضائية¡ نذكر منها مثلاً ما تفرد به النظام وتقتضيه طبيعة القضاء التجاري من مرونة في وسائل الإثبات¡ والتقاضي الإلكتروني¡ والترافع عن بعد¡ ووسائل المصالحة والتسوية الودية قبل اللجوء للقضاء¡ واستثناء أوامر أداء الدين من القواعد العامة في رفع الدعاوى¡ والتعويض عن الأضرار المادية والمعنويةº كذلك لم يغفل النظام الدور المهم الذي يلعبه القطاع الخاص ووضع ضوابط للاستعانة به¡ كممكن للقيام ببعض إجراءات التهيئة قبل قيد الدعوى بعد خصخصتهاº وأخيراً قصر النظام الترافع في نوع محدد من الدعاوى التجارية على المحامين فقط¡ وفي ذلك تأسيس لمنهجية مرنة بإعطاء المتقاضين دوراً في تسريع الفصل في الخصومة كالاتفاق على اعتبار الحكم الابتدائي نهائياً¡ وكذلك تمكين للمحامين من لعب دور أكبر في رسم مسار إجراءات التقاضي عبر تضمين العقود عند صياغتها شروطاً وأحكاماً تقيد مسيرة مشهد التقاضي.




http://www.alriyadh.com/1829956]إضغط هنا لقراءة المزيد...[/url]