نغضب على الآخرين ونتتبع أخطاءهم وتشتد الخصومة بيننا وبينهم إلى درجة العدوان ونكرههم وقد نفجر في الخصومة ونظلم الآخرين وننشغل بالبحث عن أفضل وأقوى الأدوات لأذيتهم وقد نقاطعهم مدى الدهر أو لسنوات طيلة.. لماذا¿ لأننا اختلفنا معهم وتطور الاختلاف إلى خلاف.
اليوم أدمغتنا عندما نكره شخصاً ما تستجيب من خلال العديد من العمليات.. فعندما نتعامل مع شخص يبدو لنا أنه مختلف معنا تنشط في الدماغ المنطقة المرتبطة بالخوف والعدوان مما يؤدي إلى ردة فعل عاطفية مختلفة الشدة حسب تفسيرنا الشخصي وتأويلنا لها ومن ثم تحدث نوع من الكراهية تجاهها.. وتزداد مشاعرنا السلبية تجاه أي شخص مع تراكم التجارب السلبية معه.. وقد تكون هناك ردود أفعال لأجسامنا مع درجة ونوعية المواقف والضغوط ومن تلك الردود على سبيل المثال القتال أو الهروب.. إلا أنه مع الوقت ونتيجة لتزايد الضغوط على أجسامنا يتولد لدينا مشاعر التشكك في أفعال الأشخاص الذين نعيش معهم حالة من الخلاف والكره حتى وإن بادر أولئك الأشخاص بمبادرات إيجابية لأن عقولنا تدربت مع الوقت على العصبية والتركيز على الجوانب السلبية في سلوك الآخر.. وحتى لو كان عقلنا العقلاني يخبرنا بأن هناك أمراً غير منطقي أو عقلاني.
اليوم عندما نلقي اللوم في علاقاتنا على الآخر يكون من السهل علينا دئماً رؤية الأخطاء فيهم أكثر من رؤية أخطائنا ونعتقد أننا دائماً على حق وصواب وليس الآخر.. وهذه كما يفسرها علماء النفس بأنها حالة من اللاوعي العقلاني وهي نوع من الدفاعات اللاشعورية التي نسقط فيها عيوبنا على الآخر.. وكما يبدو فإن تلك الميكانزمات الدفاعية لها تاريخ أسري وتجارب سلبية في السابق وفي مرحلة الطفولة.. فقد تعلمنا بعض تلك التجارب والتربية بأننا يجب أن نكون متشككين في نيات وأفعال الآخرين وعدم الثقة والانفتاح عليهم.. ومن التجارب البشرية أننا يجب أن نرى العالم من خلال أعيننا نحن وليس من خلال أعين الآخرين وهذه الأمور هي التي تحدث نوعاً من الفجوة المعرفية والسلوكية بيننا وبين الآخرين.
اليوم من الجوانب السلبية أن نرفض الآخر لأنه يختلف في تفضيلاته وقيمه وسلوكياته عن تفضيلاتنا.. وأيضاً من الطبيعي أن نفشل في فهم الآخر ولكن من الخطأ أن نفترض ببساطة أنه مخطئ ثم يتحول عدم الفهم أو سوء الفهم إلى كره وعدوان لأن نتائج ذلك لا تؤثر على صحة معتقداتنا فقط بل ستشكك في هويتنا الشخصية.
أعتقد من الأفضل أن نكون أكثر وعياً لدفاعاتنا شعورية وفهمها وعلاجها بدلاً من تركيز الانتباه على عيوب الآخر وأخطائه.




http://www.alriyadh.com/1829970]إضغط هنا لقراءة المزيد...[/url]