أقرت وزارة الدفاع الصينية الأسبوع الماضي استخدام لقاح جديد لكوفيد- 19 أنتجته شركة صينية بالتعاون مع الأكاديمية العسكرية للعلوم الطبية. اللقاح الذي أظهر نتائج مشجعة كما وصفته الشركة المصنعة¡ يقصر استخدامه على منتسبي وزارة الدفاع الصينية فقط¡ ولم يذكر المصدر الذي نقلته وكالة رويترز¡ ما إذا كانت وزارة الدفاع ستلزم منتسبيها باستخدامه. ومع وجود تكتم على تفاصيل استخدام اللقاح لأسباب تجارية كما وصفته الشركة¡ فإن الاستعجال في استخدام اللقاح الجديد غير مستغرب¡ إلا أنه يثير عدداً من الأسئلة.
فقد أوضح بيان الشركة أن الاختبارات السريرية أثبتت أن اللقاح آمن¡ فإن كان اللقاح آمناً وفعالاً¡ فما الذي يمنع من التوسع في إنتاجه خارج نطاق وزارة الدفاع¿ وإن كان اللقاح غير فعال¡ أو أن فاعليته محدودة¡ فما الذي يمنع من استخدامه خارج نطاق وزارة الدفاع¿ وإذا فهم من استخدام اللقاح في نطاق محدود حذراً من خطورة اللقاح الجديد وإن أثبتت الاختبارات السريرية خلاف ذلك¡ فما معنى أن يستخدم اللقاح الجديد في مؤسسة مهمة كوزارة الدفاع¿
يمثل اللقاح الذي أقرته وزارة الدفاع الصينية واحداً من ثمانية لقاحات مرشحة للاستخدام في الصين. وقد أعلنت الصين منذ شهر عن عزمها استخدام لقاحين من اللقاحات المرشحة لموظفي الدولة الموكلين بالسفر في مهمات خارجية. وسيكون من المفاجئ حينئذ لو ثبت أن اللقاحات آمنة حقاً واستخدمت في نطاق محدود¡ وسيكون من المفاجئ كذلك أن يستخدم لقاح غير آمن في جهات حساسة وإن كان النطاق محدوداً.
من غير المستغرب في ضوء معرفتنا اليوم بمؤثرات اتخاذ القرار المعرضة لانحيازات إدراكية كثيرة¡ أن تتخذ قرارات غير منطقية متأثرة بظروف الأزمة. فقد أصبح من الثابت علمياً أن الإنسان يتخذ قرارات بعيدة عن المنطق متأثراً بانحيازات إدراكية محددة. فمن ذلك أن الإنسان في حالة الغضب أو في حالة الأزمة أجرأ على الدخول في مخاطرة غير محسوبة العواقب¡ ما كان ليجرؤ على مثلها في الظروف العادية. وإذا أخذت العوامل النفسية في الأزمة بالحسبان¡ خصوصاً إذا كانت أزمة فريدة كالتي نعيشها اليوم¡ فإن ميزان الربح والخسارة يختل تحت تأثير الخوف العام من المجهول والتأثير الخاص من النفور من الخسارة. فسيؤدي الخوف العام إلى جرأة في اتخاذ بعض القرارات لمعالجة الأزمة¡ وسيؤدي النفور من الخسارة إلى الإحجام عن اتخاذ بعض القرارات خارج نطاق الأزمة. فقد يجرأ متخذ القرار على المخاطرة في استخدام لقاح غير آمن¡ لكنه يحجم عن الاستثمار في الوقت نفسه خوفاً من الانكماش الاقتصادي. في كلا الحالتين¡ توجد مخاطرة متأثرة بالأزمة نفسها إلا أن معالجتها اختلفت تبعاً لسياقها. وليس هذا الاختلال ظاهراً حينها أو بدهياً¡ إنما تتضح الصورة بعد أن يركد الرمي كما يقال. فإذا ركد الرمي¡ هل سنتلقى قراراتنا اليوم بوجه آخر غداً¿




http://www.alriyadh.com/1829972]إضغط هنا لقراءة المزيد...[/url]