"وإذا الأخْلاقُ كانتْ سُلَّماً
نالت الشَّمْسَ يَدُ المُلْتَمِسِ
فَرْقَها تَرْقَ لأسْباب السَّما
وعلى ناصِيَةِ الشّمس اجْلسِ"
(أحمد شوقي)
الإنسان الخلوق المتسم بالأخلاق الحسنة يحبه الناس ويبقى أنموذجاً يشار إليه بالبنان من قبل الجميع¡ القريب منه والبعيد¡ القريب شاهد بالتعامل والبعيد سمع بالتواتر من الآخرين¡ فتكون محبته في القلوب هي الدليل على مكاسبه الإنسانية التي جناها في حياته¡ وهي ما يذكره الناس بها بعد رحيله عن الدنيا الفانية.
بالأمس لاقى ربه الزميل والصديق الخلوق الأستاذ فهد العبدالكريم رئيس تحرير هذه الجريدة بعد معاناة مرضية لازمته مدة طويلة أنهكته بما لاقى منها مؤمناً بأن ما أصابه هو مقدر من الخالق الذي وهبه الحياة وميزة حب الناس له لأنه هو يحب الناس والبرهان في ذلك مسيرته الحياتية التي أثبت خلالها جدارته بشغل مكانه وما أوكل اليه من أعمال أثبت فيها قدراته وما وهب من صبر وجلد في متابعة العمل¡ وشاهدي ما رأيته وعاصرته منذ بدايته محرراً في مجلة اليمامة وارتقائه السّلم المعروف في الترقيات التسلسلية في عالم الصحافة حيث عمل سكرتيراً ثم مديراً فرئيساً للتحرير في اليمامة¡ وزاوج الرئاسة بتكليفه بعمل رئيس تحرير (الرياض) فكان يبذل قصارى جهده في كرسيي المجلة والجريدة بكل كفاءة¡ إلى أن عين رسمياً رئيساً لتحرير الرياض وتفرغه لها لكون الجريدة اليومية تحتاج الكثير من الجهد والوقت مدار الساعة.
رجل اتسم بالرزانة في العمل فتعامل مع العاملين معه كأخوة مقدراً لكل عمله ومتابعاً ومؤازراً للكل¡ وأشعر من يتعامل مع الجريدة من خارج التحرير أن يحس بأنه يعمل داخلها حيث من طبع فهد التواصل وسياسة الهاتف المباشر والباب المفتوح¡ فالمحررون والزائرون كلهم أصحاب وأهل العمل في الجريدة لكونها من نتاج جهودهم وأفعالهم.
كان رحمه الله ينظر إلى المستقبل ويعمل من أجله وأن تكون الجريدة في مكانة مرموقة وفي مقدمة الجرائد والصحف ليس في الداخل فقط ولكن ضمن الصحافة العربية¡ فعمل واتصل وحاول وأصاب وكان في طموحه مستعملاً أسلوبه المتسم بالمنطق الجميل والروح المرحة المريحة للمقابل بالمقدار الذي يسمح به الموقف¡ وكسب الكثيرين على مستويات مختلفة¡ ولكن المرض هو من حد من نشاطه بالرغم من أنه كان يتحامل على المرض ويمارس عمله إلى أن أثقل عليه فثقل ليخضع للعلاج في بيته ولم يترك الإطلالة في المناسبات المهمة عبر قلمه حتى آخر أيامه¡ ولكن تكالب الأمراض التي عانى منها الكثير ألجأته إلى الصمت ثم الصمت الأبدي الذي لا حول ولا قوة فيه إلا لله جلت عظمته¡ ذهب إلى ربه محملاً بما قدم له في حياته¡ وبقي ذكره الجميل الحسن صورة لما كان يحمله من خلق حسن ودماثة رحمه الله.
أعزي نفسي ضمن أسرة الفقيد وندعو جميعاً له بالمغفرة والرحمة من الله سبحانه وتعالى وأن يسكنه فسيح جناته مع البررة والصالحين.
*نفـحة:
تعزينا بأن خلّفت كنزاً
من الأخلاق من أسمى الخصال
أعزي الأصدقاء كما أعزي
أشقاء الفقيد من العيال
رعى الله الفقيد بكل خير
وأسكنه فسيحات الظلال
شعر: جريس معمر




http://www.alriyadh.com/1830372]إضغط هنا لقراءة المزيد...[/url]