رحلة الإنسان مع «البحث والابتكار» ليست وليدة اليوم ولكنها ترافقت مع بداية حياته على الأرض. عندما بدأ آدم وحواء اليوم الأول من حياتهما على الأرض أدركا أن هذه الحياة مختلفة عن ما كانا يتمتعان بهِ في الجنة حيث كل شيء متاح دون عناء¡ فعلى العكس¡ حياتهما على الأرض مليئة بالتحديات التي تتطلب جهدًا وتفكيراً واستغلالًا لما تجود به السماء وتنتجه الأرض للوصول إلى حلول تمنحهما وذريتهما حياةً كريمة¡ تلك التي بدأت من إشعال النار إلى تسخين المياه¡ وحفظ المحاصيل وصولا إلى التقنيات التي قامت عليها الثورات الصناعية وحتى ابتكارات عصرنا القائم على التقنيات المتقدمة في الأحياء والطب والصيدلة والحاسب وغيرهم.
على مر القرون¡ ظهر من أحفاد آدم وحواء¡ مفكرون ومبتكرون ساهموا في حل المشكلات الأكثر إلحاحاً في تلك العصور¡ وحين جاء الإسلام دعا إلى البحث والاكتشاف لتسخير ما على الأرض وما بداخلها للإنسان¡ فقد كان الرسول عليه الصلاة والسلام¡ وأصحابه¡ رواداً في ذلك¡ سواء في حياتهم اليومية أو الدعوة أو الهجرة وحتى في إدارة الجيوش.
ساهمت الحضارة الإسلامية في ظهور العديد من الابتكارات في مجالات متعددة¡ حيث تميز العلماء المسلمون بالكثير من الاكتشافات والابتكارات التي نقلتها عنهم الحضارات الأخرى¡ في (الطب¡ الفلك¡ الاقتصاد¡ الرياضيات..)¡ ولعل من أبرزهم العالم ابن الهيثم رائد علم البصريات الذي يرجع الفضل إليه في اختراع الكاميرا.
توالت الأجيال والابتكارات¡ حتى تلك التي استخدمها أجدادنا والتي تذكرنا بأن الحاجة هي أم الاختراع. أما اليوم فقد ساهم أبناء الوطن بعلمهم ورؤاهم في كافة التخصصات باستبدال تلك الأدوات بأخرى أكثر تقدم وملاءمة لاحتياجات العصر. كما كان لرؤية السعودية 2030 وخطة التنمية الوطنية¡ دور رئيس في تشجيع الجامعات لمنح المزيد من الاهتمام للابتكار والمبتكرين¡ خاصةً في وطن يزخر بالشباب المبدع الذي يمثل ثروة الأمة وقوة الوطن.
فلم يعد دور الجامعات مقصوراً على المقررات وتحصيل الدرجات بل اكتشاف المبدعين والاستثمار في الشباب وتوفير الإمكانيات وتذليل الصعوبات وتوفير البيئة المناسبة والدعم اللازم لنتحول من عقلية مستهلك إلى منتج ومصدر للعلوم والتقنية الذي من شأنه أن يساهم في تنوع الاقتصاد الوطني وجذب الاستثمارات الخارجية بالإضافة إلى إيجاد فرص وظيفية للشباب.
وعلى الرغم من تصنيف المملكة الأولى عربياً والـ23 عالمياً في تسجيل براءات الاختراع حسب تقرير مكتب الولايات المتحدة لبراءات الاختراع¡ للعام 2017¡ فإن كثيرا منها يبقى دون استثمار أو تطبيق في الواقع وعليه فإن الحاجة أصبحت ضرورية لتشجيع البحوث ذات العلاقة بالمجتمع المحلي¡ والاستثمار فيها.
حفزت الظروف الاستثنائية التي تسببت بها جائحة «كوفيد-19» بعض القطاعات أكثر من غيرها وأوجدت بيئة للمبتكرين للمساهمة في مساعدة المتضررين وحماية غير المصابين¡ كما صنعت فرصة للتعاون بين المراكز البحثية والمبتكرين وأصحاب رؤوس الأموال للمساهمة مع حكومتنا في كافة المجالات¡ وهذا يشجع على الاستفادة القصوى من هذه التبعات الإيجابية والوقوف مع الوطن والشعب في هذه الظروف خاصة والمحافظة على وتيرة تدفع لعمارة وازدهار وطننا وتحقيق رؤية 2030 بطموح يعانق السماء.
*مؤسسة وحدة البحث والابتكار في جامعة الأميرة نورة




http://www.alriyadh.com/1831343]إضغط هنا لقراءة المزيد...[/url]