بعض الأعمال أو المهن الشريفة يمارسها أصحابها بدافع الحاجة وربما في حالات نادرة بدافع الهواية. من هذه المهن استخدام السيارة الخاصة كسيارة أجرة لنقل الركاب وخاصة المسافرين القادمين عبر المطارات. هذه المهن ليس من المناسب مطاردة أصحابها ومعاقبتهم بسحب السيارات أو بالغرامات. أعتقد أن من الأفضل هو التعامل مع هذه الظاهرة الموجودة في دول مختلفة بحلول إيجابية تتمثل في احتوائهم وتشجيعهم وتدريبهم وتنظيم عملهم لإضفاء الصفة النظامية على هذه المهنة.
المسافرون القادمون عبر المطارات أو محطات القطارات في جميع أنحاء العالم تختلف رغباتهم وظروفهم وبالتالي يختار المسافر ما يتفق مع رغباته وظروفه. الاختيارات المتاحة هي الحافلة¡ والمترو¡ وسيارة الأجرة النظامية المنتظرة في الطابور¡ وسيارة الفندق¡ والسيارة الخاصة التي يقودها الذي يبحث عن رزقه من خلال سيارته.
من ينتمي للفئة الأخيرة بصرف النظر عن المسمى الذي نطلق عليهم هم كادحون يحتاج عملهم إلى تنظيم وتدريب. هذا دور يمكن أن يتحقق بالتعاون بين هيئة السياحة والمرور. التدريب يشمل المظهر¡ وأسلوب التعامل مع الزبون¡ والأسعار¡ واحترام الخصوصية¡ وقواعد المرور¡ وربما تعليمهم مبادئ لغة أجنبية.
بعض المسافرين يختار سيارة (الكداد) معتقداً أنها أرخص سعراً. أما المسافر الذي يصل بلداً لأول مرة فربما يفضل سائقاً من أبناء البلد بدافع الفضول. وهناك من يتجنب سيارة (الكداد) لأن الانطباع السائد أن سائقي هذه السيارات يزعجون المسافر بالأسئلة التي تخترق الخصوصية. وفي بعض الدول فإن الركوب مع ابن البلد والحديث معه هو فقرة سياحية مهمة. السائق المحترف ينتظر مبادرة الحديث من الراكب.
شخصياً¡ جربت كل الطرق في دول مختلفة. ولكل حالة ظروفها ومسبباتها ومن ذلك نظام البلد ووسائل النقل المتاحة. الأكيد أنني أفضل استخدام الوسيلة النظامية¡ وقد تضطر في بعض الدول إلى استخدام سيارات الأفراد¡ وقد يحالفك الحظ فيعجبك السائق وتتفق معه على أن يكون معك طوال الرحلة. وفي بعض الدول يكون السائق هو الذي لا يتقبل الحديث أو الأسئلة ويكتفي بمعرفة الوجهة فقط¡ وبعضهم يتعامل مع الزبائن بفظاظة.
تجربتي الشخصية في دول كثيرة مع سائقي سيارات الأجرة والخدمات السياحية أكدت لي خطأ تعميم انطباع سلبي عنهم يصفهم بالإزعاج أو الخطر أو ضعف الثقافة. رافقت سائقين في منتهى الأدب والاحترام والثقافة¡ كنت أنا الذي أزعجهم بكثرة الأسئلة¡ وحين تكون العائلة معي يحاولون إسكاتي: (خلاص عطه فرصة) لكنهم مع سائقة في البرتغال كانوا يطالبونني بعدم التوقف عن طرح الأسئلة لأن السائقة كانت مثقفة وتتحدث باللغة الإنجليزية وتعرف كل صغيرة وكبيرة عن البرتغال وغير البرتغال. كانت جولة ثقافية.
التجارب الفردية كثيرة منها الإيجابية ومنها السلبية¡ وعلينا تعزيز الإيجابيات الموجودة في مهنة سيارات الأجرة¡ وأن نعمل على وضع التنظيمات والأنظمة التي تقضي على السلبيات ولا تقضي على المهنة نفسها.
بناء على ما سبق أتقدم بمقترح لهيئة السياحة أن تصمم برنامجا تدريبياً لسائقي سيارات الأجرة بشكل عام وللكدادين بشكل خاص لتحقيق أهداف مهنية وثقافية ترفع مستوى الأداء واستثمار طاقاتهم بما يخدم أهداف الهيئة في مشروعها السياحي¡ خاصة أن الانطباع الأول للزائر الأجنبي يتكون من خلال المطار¡ وسيارة الأجرة.




http://www.alriyadh.com/1832462]إضغط هنا لقراءة المزيد...[/url]